مقالات

المحادثات النووية بين إيران والترويكا الأوروبية ستعقد في جنيف اليوم

محمد اليمني كاتب وباحث سياسي

دعونا الي المنطق والعقل في الكثير مما يحدث في الشرق الاوسط حاليا من تصعيد ازمات ومن اشعال حروب وصراعات.. يحتمل ان تكون ايران هذه المرة هي اكبر واخطر ساحاتها.. ولانها اصبحت الآن في دائرة استهداف الامريكيين والاوروبيين والاسرائيليين معا لها وبصورة تنذر بقرب وقوع حرب كبيرة معها..

هذه هي ايران التي دمرت امريكا لها منذ شهرين فقط اهم واضخم منشآتها النووية في فوردو واصفهان بقاذفات عملاقة وبنوعيات من الاسلحة القادرة علي دك التحصينات في اعماق الجبال وبما لم يسبق استخدامه من قبل. ، خرج بعدها الرئيس ترامب علي العالم ليزعم ان البرنامج النووي الايراني قد تم تدميره تماما ومعه تم تدمير مخزون ايران من اليورانيوم عالي التخصيب ، معتبرا ذلك انجازا استراتيجيا خارقا لم تكن تقدر عليه الا الولايات المتحدة وحدها.. وكان معني ذلك انه لم يبقي من هذا البرنامج النووي ما يمكن التفاوض عليه مع ايران..

ومعها دخلت اسرائيل علي خط الحرب مع ايران وكانت بداينها فيها هي قيامها باغتيال ابرز القادة العسكريين والعلماء النوويين الايرانيين.. وخرجت اسرائيل وقتها لتعلن انها دمرت لايران نظام دفاعها الجوي ، مما افقده قدرته علي الرد والردع، وان سماء طهران باتت مفتوحة امام حركة مقاتلاتها وصواريخها ومسيراتها.. وزادت علي ذلك بتهديدها لها باغتيال مرشدها الاعلي خامنئي لكنها لن تفعل لانه ليس اولوية لها في هذه المرحلة من الحرب. وقد هدفت اسرائيل من هذه الحرب النفسية الي افقاد الايرانيين ثقتهم بانفسهم وتدمير معنوياتهم وتيئسهم من قدرتهم علي مواجهتها.. لكن ايران عرفت كيف ترد عليهم بصواريخها التي فاجات الاسرائيليين واذهلتهم لما احدثته لهم من خسائر غير متوقعة واجبرتهم علي الاحتماء بالمخابئ طول الوقت وهو ما زاد من مخاوفهم واثر سلبا علي معنوياته..

ومن هنا يثور التساؤل. : اذا كان الامريكيون قد دمروا لايران برنامجها النووي ، واذا كان الاسرائيليون قد اغتالوا ابرز علماء ايران النوويين ، واذا كان مخزون ايران من اليورانيوم عالي التخصيب قد جري تدميره هو الآخر باعتراف الرئيس الامريكي ، فما هو الجديد الذي طرأ بعد هذا كله ليدفع الاوروبيين الي تهديد ايران باعادة فرض العقوبات عليها بموجب آلية الزناد او السناب باك المنصوص عليها في الاتفاق النووي الموقع معها منذ عشرة اعوام. ؟.. فايران لم تمتنع عن التفاوض مع الترويكا الاوروبية بروح الرغبة في التوصل الي اتفاق جديد وعادل. ،كما اعلنت ايضا عن استعدادها للتفاوض مع الامريكيين في اي وقت رغم كل ما فعلوه معها في حربهم الاخيرة عليها ، ولم تمتنع عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية رغم اتهاماتها لمديرها العام جروسي بالتجسس علي نشاطها النووي لصالح اسرائيل.. وابدت مرونة كبيرة في البحث عن اتفاق نووي جديد يساعد في رفع العقوبات المفروضة عليها والتي تخنقها وتدمر لها اقتصادها…وهو اكثر ما يشغل بال الحكومة الايرانية ويستحوذ علي اهتمامها.. ويحفزها علي مواصلة التفاوض معهم..

واضح ان الهدف من الحرب علي ايران هذه المرة ليس هو الاجهاز بشكل نهائي علي برنامجها النووي بتدميرهم لما بقي منه ولم يصلوا اليه في هجومهم الاخير علي مفاعلاتها النووية الرئيسية في فوردو واصفهان ، وانما الهدف هو تدمير نظام الحكم الديني الحالي فيها، معتبرين ان قطع راس النظام في طهران سوف يعني نهاية استراتيجية ايران الاقليمية الحالية ، كما سوف يخمد تلقائيا كل الاذرع المسلحة التي تتحرك ايران بها في لبنان واليمن والعراق مع توقف دعمها لها بالمال والسلاح والتدريب والمستشارين كما تفعل حاليا.. وياتي ذلك من منطلق الاقتناع في امريكا واسرائيل بشكل خاص بانه لا جدوي من ضرب الاذرع والفروع هنا وهناك بينما تبقي الراس في طهران سليمة علي حالها تفكر وتدبر وترسم وتخطط وتوجه وتتابع ، وان قطع الرأس سوف يحسم المشكلة من جذورها وينهيها.. .. وقناعتي هي ان حجبهم ايران من المشهد العام في المنطقة بكل ما تشكله من خطر علي امنهم ومصالحهم الحيوية ، وعلي خططهم ومشاريعهم الاقليمية ، وعلي امن شركائهم الاقليميين الرئيسيين في الخليج ، سوف يكون بالنسبة لهم خطوة مهمة وضرورية علي طريق تنفيذهم لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يتحدثون عنه في واشنطون وتل ابيب.طول الوقت.. شرق اوسط بدون ايران المشاغبة والمثبرة للمتاعب والازمات في محيطها الاقليمي الواسع والحاضنة للارهاب علي حد وصفهم لها ، وكذلك بدون المليشيات الطائفية المسلحة الموالية لها في العديد من الاقطار العربية والتي سوف يكون استمرار وجودها فيها داخل قواعدها باسلحتها عاملا معطلا ومعرقلا لمشروعهم الذي سوف يكون لاسرائيل موقع رئيسي فيه كقوة عسكرية اقليمية كبيرة.. ..وفي انتظار ما سوف تاتي به الاسابيع القليلة المقبلة من احداث وتطورات… علي الساحتين الايرانية بشكل خاص والشرق اوسطية بشكل عام…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى