علي جهاد فارس… مخترع سوري خطف الحلم وقُتل على عتبات الواقع في مجازر الساحل

خاص: صوت سورية
وُلد علي جهاد فارس عام 1988 لأسرة متوسطة الحال. في مدينة جبلة الساحلية بمحافظة اللاذقية السورية، كان والده مهندسًا ووالدته معلمة، وربّياه على حب العلم والاجتهاد منذ نعومة أظافره. في مدارس جبلة الابتدائية، برز نبوغه العلمي مبكرًا، وتحديدًا في الصف الخامس، حين حصل على المركز الأول في الجمهورية العربية السورية في قسم الاختراعات، وهو إنجاز غير مسبوق لطفل في مثل سنه.
تابع علي تعليمه في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وهناك واصل طريق الإبداع، فسجّل أول اختراعاته في مركز الإبداع السوري، وكان بعنوان:
“توليد الطاقة الكهربائية عن طريق التدفق الكروي”.
ولم يقف طموحه عند هذا الحد، إذ قدّم اختراعًا ثانيًا تمثّل في تشغيل الآلات الكهربائية دون كهرباء، من خلال الاعتماد على الحقول المغناطيسية والتجاذب.
لكن الإنجاز الأكبر جاء عام 2008، بعد ثلاث سنوات من البحث والعمل الدؤوب، حين سجّل اختراعه الذي غيّر حياته بالكامل، ودخل به موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية:
أصغر قمر صناعي في العالم، وهو ابتكار تفوّق به على ابتكار مماثل للعالِم الأميركي الشهير آرثر كلارك، ليُمنح بسببه الدرجة الأولى في التصنيف العالمي للمخترعين الشباب.
عُرضت على علي العديد من الفرص العلمية، فألقى محاضرات في جامعة ليبيا عام 2010، وأخرى في الهند، ثم الصين، حاملاً علم بلاده إلى المحافل الدولية بكل فخر.
لكن أحلام علي، كما أحلام كثير من السوريين، اغتيلت بدم بارد. ففي حي الرميلة بمدينة جبلة، قُتل علي جهاد فارس، في حادثة لم يعرف فيها القاتل عن ضحيته سوى انتمائه الطائفي، في مشهد يلخّص عمق المأساة التي ألمّت بسوريا.
قُتل علي، لا لأنه فشل، بل لأنه نجح. رحل عن هذه الدنيا في وطنٍ أنهكته الحرب، وأعيته الانقسامات، وبات فيه الدم أهم من العقل، والانتماء أهم من الإنجاز.
في وطن لا يعرف كيف يصون عقول شبابه، كانت نهاية علي جهاد فارس شاهدًا جديدًا على نزيف الأمل في بلاد لا تزال تبحث عن معنى العلم في زمن السلاح.