“سياسات الدين وتدمير سورية: قراءة في المخططات والتحالفات”

صلاح قيراطة كاتب وباحث سياسي
في عالم السياسة، هناك من اختار أن يحترف اللعب بالدين، مستغلاً جلاله وقدسيته كسلاح أو ستار لأطماعه الدنيوية، هؤلاء ليسوا مجرد متأسلمين، بل هم أدوات في خدمة أجندات لا علاقة لها بالإيمان أو القيم، مستهدفين الأكثرية المغيبة من المسلمين، مستفيدين من ضعف الوعي لترويج خطاب الكراهية والتفرقة، أما من يظن أن هؤلاء يمثلون قيادة حقيقية أو قوة قادرة على صنع القرار في بلدها، فهو واهم، وطموحه مجرد سراب سياسي…
نتيجة لما قدمته اعلاه اقول وانا عن قولي مسؤول أن :
من يعتقد أن النظام السوري قد هُزم عسكرياً أو سقط سياسياً وهو كذلك فعلا، لكن ليس هذا سبب سقوط فحسب، نعم من يعتد بهذا فقط هو مبتدئ في قراءة السياسة أو مدَّعٍ، وغير مطلع على التعقيدات الحقيقية للصراع…
كذلك من يظن أن هيئة تحرير الشام والفصائل الإسلامية المسلحة هي التي تمكنت من السيطرة على محافظات مثل حلب ثم إدلب، حماة، حمص، ريف دمشق ودمشق خلال ١١ يوماً، فهو لا يرى الصورة كاملة، بل يختزل الواقع في أحلام تظل مغايرة للحقائق، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار بعض تصريحات قادة الفصائل الذين كانوا يحلمون بالسيطرة على حلب لما يقارب نصف عام…
إن ما حدث كان نتيجة عوامل متعددة، فسورية وشعبها لم يكونوا وحدهم طرف المعركة، وهنا لايجوز أن نسقط من حساباتنا ماكان موجودا بقوة في معادلات الصراع وهم المغيبون وغالبيتهم حاقدون، وهم من شكلوا قوة المتأسلمين الرئيسية ورأس حربتهم فقد لعبوا دور الرعب والخوف، لكن المشهد كان جزءاً من خطة أكبر لتدمير سورية، مخطط لها بحسابات دقيقة لصالح إسرائيل، استناداً إلى علّتين أساسيتين :
– الجغرافيا وهي محاذاة سورية الكيان…
التي بنت على :
– على التاريخ…
من يظن أن ماحدث يوم ٨ / ١٢ / ٢٠٢٤ كانت هزيمة للنظام أو انتصاراً للنصرة، عليه مراجعة حساباته، لان ما حصل كان نتيجة حوارات، مساومات، ومفاوضات دولية معقدة، شاركت فيها قوى كبرى مثل ( أمريكا – روسيا – تركيا – إيران ) بمساندة ( مصرية – قطرية )، كلها تنفذ خطة اسرائيلية محكمة للصراع في سورية…
من المؤكد أنه للإسلاميين القدرة على قيادة سورية، فهم مرفوضون شكلا وموضوعا، وجملة وتفصيلا، وحتى العقلاء ممن يعتقدون أنهم من بني جلدتهم من العرب السنة، سيرفضونهم، وما نعيشه اليوم من تفتيت وتشظي، وضرب المكونات السورية بعضها ببعض، هو استمرار لمخطط أكبر لا علاقة له بالإسلام أو بالشعب السوري، بل بالتحكم بمصير البلاد على مستويات دولية وإقليمية…
الخاتمة:
سورية ليست مجرد ساحة صراع عابر، بل هي بلد تاريخي وجغرافي استراتيجي، جعلها هدفاً للتجاذبات والمخططات الخارجية، وفهم اللعبة لا يتطلب الانبهار بمظاهر السيطرة المؤقتة لفصائل مسلحة أو خطابات دينية مشوهة، بل الوعي بالتحالفات الدولية الكبرى، وإدراك أن الحلول الحقيقية ترتكز على الثبات الداخلي والسيادة الوطنية، لذا على من يقرأ المشهد السوري بعين الفهم، يدرك أن ما يحدث اليوم ليس هزيمة للنظام، ولا هو انتصار للاسلاميين، بل استمرار لمعادلة سياسية معقدة تتجاوز حدود القوة العسكرية، وتحكمها مصالح كبرى لرسم مستقبل سورية، والهزيمة المدوية والحقيقية أنما لحقت بسورية كل سورية واهلها كل أهلها وضمنا الإخوان المسلمين الذين من حاصرتهم ولدت كل الجماعات الإرهابية .