الحرب على غزة احدثت دمار الشامل

كل ما يقال او يجري الترويج له عن غزة في اليوم التالي للحرب، او عن سيناريوهات ما بعد الحرب، هو نوع من الخداع الاستراتيجي والتضليل الاعلامي الذي لا اساس له من الواقع.. ولن يحدث باي شكل من الاشكال التي قد تتبادر الي غذهاننا كاطراف عربية حول طبيعة سلطة الادارة الجديدة في غزة، او عن دور السلطة الوطنية الفلسطينية فيها، او عن مشاريع اعادة الاعمار ، او عن عودة الحياة الطبيعية الي غزة من جديد ، الخ..
هذا هو ما نفكر فيه ونراهن عليه، بينما تظل الخطط والاستراتيجيات والسيناريوهات الاسرائيلية شيئا مختلفا تماما عن هذا كله. فهم يراهنون علي عامل الوقت، وعلي قدرتهم باستخدامهم لقوتهم المفرطة علي تغيير الواقع الماثل علي الارض وباقصي السرعة الممكنة ، ونحن نراهن علي انهم تعبوا من الحرب التي دفعوا فيها ثمنا باهظا لم يتكلفوه في اي حرب سابقة لهم معنا ، وانهم منقسمون علي انفسهم بسببها وان هذا يفاقم من حدة ازماتهم السياسية الداخلية وبجعل وضعهم كمجتمع اكثر ضعفا وهشاشة من اي وقت مضي ،، وان غايتهم في النهاية هي السلام وانهم واصلون اليه ان عاجلا او آجلا..
وبين هذين الرهانين العربي والاسرائيلي تمضي هذه الحرب العدوانية الشرسة التي لا تلوح في الافق نهاية قريبة لها تضع حدا لكل هذا البؤس والخراب والدمار..مما جعل منها احدي اسوأ حروب الابادة الجماعية والتطهير العرقي في تاريخ العالم.. حرب غابت منها تماما كل القيم الانسانية والاخلاقية والحضارية المتعارف عليها دوليا.. وهذا هو ما تفعله اسرائيل في غزة من قتل عشوائي بالرصاص الحي الي الابادة الجماعية بسلاح التجويع والحصار القاتل الذي لا يرحم.. وهذا هو معني الجحيم الذي لا يتوقف الرئيس الامريكي ترامب عن التهديد به. ، .واراد مع حلفائه الاسرائيليين في تل ابيب ان يجعل من غزة نموذجا عمليا مجسما له… .
وهنا لا بد لنا ان نعرف ان حرب اسرائيل علي فلسطين المحتلة هذه المرة تختلف تماما وبصورة لا تسمح بالمقارنة مع كافة الحروب الاسرائيلية العربية السابقة.. فهي، وهذا هو الجديد والمختلف فيها عن كل ما سبق، حرب لا مساحة فيها للتنازلات المتبادلة، او للحلول الوسط ، وهي حرب تدار من قبل الاسرائيليين علي قاعدة كل شيئ لهم مقابل لا شيئ للفلسطينيين.. وانهم في سبيل ذلك مستعدون ان يتحملوا ضغوطها عليهم مهما طال امدها او كان حجم الثمن المدفوع فيها.. لم تعد حرب الايام الستة كما في حرب الخامس من يونيو عام سبعة وستين، ولا حرب الثلاثة اسابيع التي استغرقتها حرب السادس من اكتوبر عام ثلاثة وسبعين.. وانما اصبحت حربا مفتوحة وممتدة وبدعم امريكي واوروبي تام وغير مشروط لما ترتكبه اسرائيل فيها من جرائم وفظائع وانتهاكات.. .. هذا بينما تقف الامم المتحدة لتراقب من بعيد. بينما تخلي مجلس الامن الدولي مرغما بفعل الفيتو الامريكي عن دوره في حفظ السلم والامن الدوليين، واصبح خارج الخدمة الفعلية ، وهو ما لم يحدث في اي حرب عربية اسرائيلية سابقة حيث كان للمجلس دوره وحضوره وقراراته.. ولهذا طالت الحرب علي غزة وامتدت واحدثت من الدمار الشامل فيها ما احدثت..