مقالات

حقيقة ما يجري في سوريا

محمد اليمني كاتب وباحث سياسي

حقيقة ما يجري حاليا في سوريا من احداث وتطورات متسارعة تبدو بالنسبة لي اخطر بكثير مما قد نتصوره، فالمشكلة لم تعد محصورة في ما يحدث في السويداء او في اللاذقية او في غيرهما من المحافظات السورية التي تشهد هذا التسيب والانفلات الامني المتصاعد.. وانما في ان سوريا كلها اصبحت مستهدفة بمخططات ومؤامرات تقف وراءها قوي عديدة داخل المنطقة وخارجها تدعمها بكل ثقلها وامكاناتها وتستعين باذرعها المحلية في تنفيذها، وكانت علي راس هذه القوي في المااضي روسيا وايران وحزب الله اللبناني والآن تركيا واسرائيل ودول الخليج العربية. ومن ورائهم امريكا بطبيعة الحال، فهي الرأس المدبر لهذا كله، وهي التي تخترق باجهزتها الامنية كافة دول المنطقة، وليس سوريا وحدها، وتعرف كيف تثير الفوضي فيها لتسقط حكوماتها وتفشل دولها وهي لعبتها التي برعت فيها، ولها سجل حافل في هذا الشان يشهد لها… ،وعلي الجانب الآخر، تقف سوريا في مواجهة اخطار وتهديدات وتحديات كثيرة وخطيرة لا قبل لها علي التعامل معها او التغلب عليها في ظل تردي اوضاعها الامنية التي بدات تخرج عن السيطرة مع ضلوع بعض اعوان واجهزة النظام في ارتكاب العديد من الجرائم والتجاوزات بحق بعض الاقليات العرقية والطائفية كالعلويين والدروز وغيرهم من الطوائف وهو ما يثير سخط كل تلك الاقليات علي النظام واستياءهم منه وبالدرجة التي دفعت زعماء الطائفة الدرزية الي مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية الضرورية لهم لعجز نظام الحكم في بلدهم عن حمايتهم من الابادة التي يتعرضون لها . ..هذا الي جانب ان هذا النظام برهن بمواقفه االسلبية المتخاذلة طيلة الشهور السبعة الماضية علي فشله الذريع في التصدي لاعتداءات اسرائيل العسكرية المتكررة علي سوريا بغاراتها المستمرة عليها وبانتهاكها لحرمة اجوائها واراضيها، والتي وصلت ذروتها في الايام الاخيرة بمهاجمتها للعاصمة السورية دمشق ووصولها الي محيط القصر الرئاسي نفسه ولمقر قيادة الجيش السوري وبتدخلها في ادق التفاصيل المتعلقة بتحركات القوات السورية وبنوعية الاسلحة التي تحتفظ بها في مواقع معينة حتي بعيدا عن الحدود مع اسرائيل، وبالصورة التي افقدت سوريا سيادتها علي اراضيها وحرمتها من حقها في الدفاع عن نفسها، وذلك دون مقاومة من قبل النظام لهذه الانتهاكات الاسرائيلية علي الاطلاق، بل الاكثر انه كان يفاوض اسرائيل سرا علي التطبيع والسلام وتبادل الاعتراف تحت رعاية المبعوث الامريكي الخاص الي سوريا.توم براك.. . وهو ما يؤشر بضعف هذا النظام وتخبطه وبتبعيته وانقياده لقوي خارجية اقوي كثيرا منه.، وانها هي التي تحركه وتوجهه وتقرر له مساراته التي يتحرك فيها وهو امر لم يعد يحتاج الي اقامة دليل عليه، فتصرفات النظام تنطق بكل ذلك وبما هو اكثر منه رغم قصر فترة وجوده في الحكم .. .. .وبين فوضي الداخل وتهديدات الخارج وتدخلاته بكافة صورها واشكالها المباشرة وغير المباشرة، لا استبعد ان تغرق سوريا في حرب اهلية واسعة تكون المقدمة نحو تفكيكها وتقسيمها وتغيير معالمها الجغرافية والديموجرافية الحالية، ولنصبح امام سوريا اخري غير تلك التي نعرفها الآن … ..وفي كل الاحوال، فان اسرائيل سوف تكون هي المستفيد الاكبر من كل ما سوف يحدث في سوريا.من تغييرات وتحولات.. فهي جاهزة للانقضاض عليها لاحتلال كل ما يمكنها احتلاله من اراضيها واعادة رسم خرائطها الامنية والجيوسياسية بما يحمي لها امنها لسنوات طويلة قادمة… ولتفرض بقوة الامر الواقع ما سوف يستحيل بعده تغييره.. ومع غرور القوة الاسرائيلية والتي لم تكن يوما بهذه الدرجة من الغطرسة والعدوانية والتوحش ، فان كل تلك السيناريوهات والاحتمالات لم تعد مستبعدة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى