مقالات

رغم الغارات الأمريكية والإسرائيلية.. الحوثيون لا يزالون يملكون مفاجآت عسكرية

محمد اليمني كاتب وباحث سياسي

تبرز التصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن حملة الغارات على الحوثيين في اليمن وتأثيرها المحدود، بالإضافة إلى الخسائر المتزايدة في الطائرات المسيّرة، صورة معقدة تتطلب تحليلاً فنياً عسكرياً محايداً لتقييم مدى صحة الرواية في خضم هذا الصراع المحتدم.
من الناحية العملياتية، يشير تنفيذ 750 ضربة جوية منذ منتصف مارس إلى كثافة العمليات العسكرية الأمريكية في منطقة البحر الأحمر.
ومع ذلك، فإن اعتراف المسؤولين الأمريكيين بأن هذه الضربات حققت “نجاحاً محدوداً بتدمير إمدادات الحوثيين” يثير تساؤلات حول فعالية الاستراتيجية المتبعة. يمكن تفسير هذا “النجاح المحدود” بعدة عوامل فنية وعسكرية محتملة.
أولاً، قد يكون الحوثيون قد تبنوا تكتيكات انتشار وتخزين للإمدادات، مما يجعل استهدافها بشكل كامل أمراً صعباً.
ثانياً، طبيعة الأهداف نفسها قد تكون متغيرة أو محمية بشكل جيد، مما يقلل من تأثير الضربات الجوية. ثالثاً، قدرة الحوثيين على إعادة التموين عبر طرق غير تقليدية أو من مصادر خارجية قد تقلل من فعالية الحصار الجوي.
أما بالنسبة لخسارة سبع طائرات مسيّرة من طراز “إم كيو 9 ريبر” خلال فترة وجيزة، فهذا يمثل تحدياً كبيراً للقوات الأمريكية.

هذه الطائرات تعتبر من الأصول الاستخباراتية والاستطلاعية والتكتيكية الهامة. إسقاطها المتكرر يشير إلى تطور قدرات الدفاع الجوي لدى الحوثيين، سواء عبر استخدام أنظمة دفاع جوي متطورة نسبياً أو من خلال تكتيكات حرب إلكترونية فعالة. من الناحية الفنية، قد يكون الحوثيون قد نجحوا في تطوير قدرات للكشف عن هذه الطائرات واستهدافها، مما يستدعي مراجعة أمريكية لتكتيكات التحليق والإجراءات المضادة الإلكترونية المستخدمة.
في خضم المواجهات العسكرية المحتدمة، يصبح التحقق المستقل من دقة الروايات أمراً بالغ الصعوبة. كلا الطرفين قد يميل إلى تضخيم مكاسبه وتقليل خسائره في إطار الحرب النفسية والإعلامية المصاحبة للعمليات العسكرية.
لذا، يجب التعامل مع التصريحات الرسمية بحذر وتحليلها في سياق المعطيات المتاحة والمنطق العسكري.
يمكن القول بأن الرواية الأمريكية تشير إلى واقع عملياتي معقد في مواجهة الحوثيين.

كثافة الغارات الجوية لم تترجم إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية بشكل كامل، والخسائر المتزايدة في الطائرات المسيّرة تبرز تطوراً في القدرات العسكرية للحوثيين.

يبقى التقييم النهائي لمدى صحة الرواية الأمريكية مرهوناً بتوفر معلومات أكثر تفصيلاً ومستقلة حول سير العمليات العسكرية وتأثيرها الفعلي على قدرات الطرفين.

لم تكن الضربة الصاروخية اليمنية مثل أي ضربة سابقة، ليس لأنها أول ضربة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي التي تصيب أهم بقعة داخل الكيان، وإنما لأنها تمكنت من اختراق أكثر منظومات الدفاع الجوي كثافة وتقدما في العالم، والمكونة من 4 طبقات، تشارك فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، وتستخدم 3 أنواع من منظومات الدفاع الجوي الأكثر تطورا بمدايات مختلفة، والمعروفة بأسماء ثاد وحيث وباتريوت، توجهها رادارات وأقمار صناعية متطورة للغاية على طول المسافة من جنوب البحر الأحمر حتى تل أبيب، بما يؤكد أن أهم بقعة لدى التحالف الغربي بقيادة الولايات الماحدة عجزت أمام دولة من أفقر دول العالم، والمحاصرة برا وبحرا وجوا لسنوات طويلة .. هذه الضربة ستكون نقطة تحول تاريخية في حروب المنطقة، سيكون لها تداعيات مباشرة وسريعة وأخرى تالية، أولها أن دول الخليج ستخشى التورط في حرب مع اليمن، من خلال ميليشيات وحكومة مصطنعة بدعم خليجي وغربي، لأن أي مشاركة خليجية سيكون لها ثمن باهظ جدا، عندما تضرب صواريخ اليمن حقول ومرافئ النفط والبنية التحتية لدول لا تملك دفاعات جوية مماثلة لتلك التي عجزت عن حماية مطار بن جوريون، ثانيها وضع أمريكا وإسرا.ئيل في مأزق خطير، خاصة إذا ما جرى اختيار الرد بضرب إيران التي تمتلك صواريخ أكبر حجما وسرعة ودقة وغزارة، وستكون نتائج الرد الإيراني خسائر هائلة سواء في داخل الكيان أو القواعد الأمريكية، أو الدول التي انطلقت منها الضربة الإسرائيلية أو الأمريكية. أما الصمت ومحاولة الرد ببعض الغارات على اليمن، والتي فشلت في تحقيق أي نتيجة ملموسة، فإنها ستكون إنتصارا جديدا لليمن الذي دمر طائرتين أمريكيتين من طراز إف 18 الأسبوع الماضي، وألحق خسائر بحاملة طائرات وسفنها المعاونة، وأجبرها على الفرار بطريقة مخجلة للقوات الأمريكية، التي تعجز أهم قدراتها البحرية عن مواجهة اليمن.

حالة الإرتباك داخل إسرائيل، والموقف الأمريكي الأكثر ارتباكا، والذي يخشى التورط في حرب لن يحسمها، لكن ستحبط كل مخططاته تجاه الصين وروسيا، لأن إيران تعد خط الدفاع الغربي الأول للصين وخط الدفاع الجنوبي لروسيا، مما سيجعل الصدام مع إيران باهظ للغاية، بما يعجل بنهاية وهيبة القوة العسكرية الأمريكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى