مقالات

سوريا الجديدة بين خطاب الكراهية ووحدة الصف

بقلم: د. عزالدين فندي

تمر سوريا اليوم بمرحلة تاريخية خطيرة، ربما هي الأشد قسوة منذ عقود. لم تعد الأزمة مجرد صراع سياسي أو نزاع مسلح، بل تحولت إلى أزمة ثقة عميقة بين أبناء الشعب الواحد، وبين الشعب والدولة، وبين المكونات فيما بينها. أخطر ما يهدد حاضر سوريا ومستقبلها ليس فقط الدمار المادي أو الفقر والجوع، بل هو خطاب الكراهية الذي يتسلل إلى النفوس ليحوّل الأخ إلى عدو، والجار إلى خصم.

لا يخفى على أحد أن بعض القوى الدولية والإقليمية تستثمر في هذا الانقسام، وتغذّي نار التجييش والتعصب كي تبقى سوريا ساحة مفتوحة لصراعات الآخرين. لكن الخطر الحقيقي يبدأ عندما نصبح نحن أدوات لهذا المشروع، ونسمح لخطاب الكراهية أن يقتل إنسانيتنا قبل أن يقتل وطننا.

إن الشعب السوري بكل مكوناته – عربًا وكردًا، مسلمين ومسيحيين، دروزًا وعلويين وغيرهم – يحتاج اليوم إلى لغة العقل بدل لغة الانتقام، وإلى الحوار بدل الإقصاء، وإلى وحدة الصف بدل التشرذم. لا يمكن أن تُبنى سوريا جديدة على أساس لون واحد للحكم أو صوت واحد يفرض ذاته على الجميع؛ بل على الاعتراف بالحقوق المشروعة لكل المكونات وحمايتها، وعلى دستور عادل يضمن المساواة والكرامة.

أيها السوريون، خطاب الكراهية ليس مجرد كلمات، بل مشروع هدم شامل للبشرية. هو يزرع الشك بدل الثقة، والانقسام بدل الوحدة، ويحوّل الوطن إلى ساحة تصفية حسابات لا تنتهي. فلنكن أوعى من أن ننجر وراء هذا المسار المدمر، ولنجعل من العقل، والمحبة، والعدل، والحوار ركائز لسوريا المستقبل.

قد نختلف، لكننا نستطيع أن نختلف باحترام. قد نتنوع، لكن تنوعنا هو مصدر غنى لا مصدر ضعف. فلنحمِ وطننا من الكراهية، ولنجعل سوريا بيتًا يتسع للجميع، بلا إقصاء ولا تمييز ولا تطرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى