سقوط نتنياهو يفتح الباب لصفقة سلام شاملة في غزة

محمد اليمني كاتب وباحث سياسي
خسرت إسرائيل حرب غزة دبلوماسيا، لكن خروجها وإنهاء الاحتلال والحصار وحرب الإبادة لن يتحقق إلا بزيادة التكلفة العسكرية والسياسية على الدولة الصهيونية. ومهما كانت قسوة التضحيات البشرية والمادية في غزة، فإن الصمود الفلسطيني يظل هو الرقم الصعب، الذي يحول دون نجاح استراتيجية «سلام القوة». لقد فشلت القوة الغاشمة في استعادة المحتجزين وتدمير المقاومة وإخضاع القطاع. وأصبح الخراب والدمار الذي أحدثه، ولا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة شاهدا على حرب الإبادة التي استفزت ضمير العالم، وجعلت من الدولة الصهيونية كيانا منبوذا.
في الداخل الإسرائيلي تبدو الدولة في حرب مع نفسها، حيث تخوض الحكومة حربا ضد القضاء، كما تبدو العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسوأ ما يكون الحال منذ قيام الدولة الصهيونية، مع اتساع نطاق الاحتجاجات المعارضة لاستمرار الحرب. كما يبدو المجتمع في حال عراك محتدم مع نفسه، وسط انقسام عميق بين اليهود أنفسهم، حتى وصل الأمر إلى إشعال النيران في كنيس بواسطة يهود متطرفين، يبصقون على غيرهم من اليهود، ويرسمون صلبانا على كنيسهم، سخرية منهم.
إن الصمود الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة هو المحرك الأول الذي خلق هذا الانقسام داخل الدولة الصهيونية، وسط زيادة حدة حصار الرأي العام العالمي، وهو حصار لا يتصدره فقط غضب شعوب العالم، وطلائعها الواعية، وإنما أصبح يضم أعدادا متزايدة من حكومات كانت بالأمس تعتبر من بين داعمي تلك الدولة، تحت زعم «حق الدفاع عن النفس». الآن يدرك العالم أن الشعب الفلسطيني يعيش تحت قسوة ظلم تاريخي، وأن حلمه الذي يقاتل من أجله هو السلام، والعيش آمنا في دولة مستقلة ذات سيادة.
كما يدرك العالم أن نتنياهو يمثل العقبة الرئيسية في طريق السلام. وأن إسقاط حكومته، يمكن أن يسهل عقد صفقة شاملة ناجحة لإنهاء الحرب، وتبادل الأسرى والمحتجزين، والتفاوض على صيغة لتحقيق حل الدولتين، وإقامة سلام عادل مستدام.