الشرق الأوسط دلوقتي بيمرّ بأخطر مرحلة في تاريخه الحديث من أيام النكبة…

محمد اليمني كاتب وباحث سياسي
ومش هبالغ لو قلت ان ده أكبر خطر وجودي مر على المنطقة العربية من ساعة الزحف المغولي…
لو إنت مش متابع اللي حصل في العالم خلال الـ 48 ساعة اللي فاتوا، عايزك تسيب اللي ف إيدك، وتركز معايا في اللي جاي، عشان في قصة دلوقتي بتتحضر وتتجهز من ورا الشعوب، ونتيجتها ممكن تبقى تصفية القضية الفلسطينية للأبد، وبداية خطر وجودي متخططله إنه يقضي على آخر معاقل ودروع الأمة العربية اللي الباقية… مصر… 👇
شوف يا سيدي… الموضوع بدأ من حوالي 3 أيام كده، لما ترامب نزل الخليج…
انا متكلمتش عن الاستقبال ده في وقته ولا اللي دار فيه لإن الموضوع بصراحة ضايقني جدًا وفضلت السكوت… بس لو انت متعرفش أيه اللي حصل، خلينا نمر كده عليه سريعًا تمهيدًا للي جاي..
ترامب لما نزل في بداية رحلته الخليجية اللي بدأت للمملكة العربية السعودية، وبعدها قطر وبعدها الإمارات، استُقبل في كل بلد من الـ 3 استقبال الملوك..
في بوستات ومقالات كاملة ممكن تتكتب عن تفاصيل الـ 3 زيارات دول واللي دار فيهم، بداية من الطيارة الرئاسية اللي اهدتها قطر لترامب بقيمة 400 مليون دولار، وزيارته لمقر الدين الإبراهيمي الجديد في الإمارات، للقاءه بأحمد الشرع رئيس سوريا الجديد في السعودية، وغيره كتير.. بس أكيد انت اتهريت بوستات وأخبار عن الموضوع خلال الكام يوم اللي فاتوا، فمش هرغي كتير وأصدعك…
المهم بقى في الموضوع، واللي يهمنا انا وانت هو ان الاستقبال العظيم اللي اتعمل لترامب ده مكانش مجاني.. الراجل قعد 3 أيام بالظبط، ومشى من هناك وهو معاه اتفاقات واستثمارات وصفقات من الدول التلاتة بقيمة 3.5 تريليون دولار!
أيوه، الرقم صح… 3.5 تريليون… لو مش فاهم الرقم ده قد أيه، فخليني أقولك انه يساوي تقريبًا أكتر من ضعف قيمة الناتج القومي المشترك للسعودية والإمارات وقطر مجتمعين!
الفلوس دي طبعًا متدفعتش لترامب بشكل مباشر.. بل جت في صورة استثمارات وصفقات والتزامات استثمارية هتدخل للاقتصاد الأمريكي خلال الشهور والسنين اللي جاية، ده غير صفقات أسلحة كبيرة تعتبر من بين الأضخم في تاريخ أمريكا كلها.. ومقابل ده، أمريكا تعهدت بحماية دول الخليج من التمدد الإيراني… ومن نفوذ أي دولة تانية ممكن تهدد الاستقرار في المنطقة..
الفكرة بقى واللي انت مخدتش بالك منه، هو ان ترامب قبل ما يزور الخليج، عمل حركة صايعة.. أيه هي؟
جمد الحرب التجارية مع الصين مؤقتًا، ولغى الرسوم الجمركية اللي كان فارضها على الصين وخلالها 10% بس بعد ما كانت وصلت 145%..
وده ليه؟
لأن الصين عندها استثمارات ضخمة في الخليج، ولو الزيارة تمت وسط حرب اقتصادية مفتوحة، كانت هتفشل… وترامب كان محتاج يضمن إن الصفقات اللي هو عملها دي تتم بنجاح…
والصفقات دي هدفه منها مكانش مجرد الاستثمار… بل هي بتستهدف 3 أهداف رئيسية:
1️⃣ أول هدف: يسد العجز الرهيب في ديون أمريكا الداخلية واللي وصلت أرقام فلكية ومطلوب يتسدد منها جزء كبير السنة دي.
2️⃣ تاني هدف: يحاول يصلّح صورته قدام شعبه بعد 100 يوم من الكوارث الاقتصادية اللي اتسبب فيها.
3️⃣ تالت وأخطر هدف: يمهّد الطريق لتنفيذ الخطة الأخطر…
تهجير مليون فلسطيني من غزة إلى ليبيا!
امبارح شبكة NBC News نشرت تقرير مبني على تسريبات معلوماتية شبه مؤكدة من داخل الإدارة الأمريكية، بتقول فيه إن إدارة ترامب دلوقتي بتشتغل على خطة سرية لتفريغ قطاع غزة من مليون فلسطيني، ونقلهم بشكل دائم إلى ليبيا، وبتتفاوض دلوقتي مع القيادات الليبية على تحقيق الخطة دي خلال الأيام اللي جاية!
وعلشان الصفقة تمشي، ف بحسب التقرير، ترامب عرض على الليبيين فك تجميد ملياراتهم اللي أمريكا حجزاها من أكتر من 10 سنين، واللي تخص الشعب الليبي أساسًا، وهتلاقي لينك التقرير في أول كومنت تحت! 👇
ومن هنا بدأ يحصل القلبان اللي انت شايفه في ليبيا بقاله كام يوم ده.. مش هندخل في تفاصيله من جوه، لكن مهم تبقى عارف هو ليه بيحصل دلوقتي بالذات، بغض النظر عن الأطراف الفاعلة فيه…
والمشكلة ان الخطة دي مش سرية ولا حاجة.. ترامب عمره ما خبى نواياه عن العالم، بل بالعكس، ده طلع من فترة قريبة على شاشة “فوكس نيوز” وقال الكلام بشكل مباشر: إن عدد سكان غزة 2 مليون تقريبًا، نقدر نوزعهم على الشرق الأوسط بدون مشكلة..
كأنهم طرود بريد… كأنهم مش بشر!
كإن غزة دي أرض فاضية معليهاش ناس، ومحتاجينها عشان نبني عليها فنادق ومنتجعات سياحية، وتبقى ريفييرا الشرق تحت وصاية أمريكية!
وطبعًا علشان المظهر يبقى “حضاري”، الخطة اتغلفت بحوافز… شقق هتتقدم مجانًا لسكان القطاع ووظايف بمرتبات مغرية، وضمان أمريكي للانتقال الآمن بدون تهديدات أمنية.. وطبعًا الناس لو قبلوا ف هما مفيش عليهم لوم.. دول عايشين بقالهم سنتين تحت قصف وإباد.ات لا يتحملها بشر ومن حقهم يحسوا بأمان…
وهنا بقى جه دور إسرائيل…
جيش الاحتلال امبارح أعلن عن إطلاق بدء تنفيذ عمليتهم العسكرية الجديدة اللي اسمها “عربات جدعون”… والإسم ده بالمناسبة مش عشوائي، ده إسم ذو مغزى جاي من التوراة، وهو نفس الاسم اللي استخدموه زمان في 1948 وقت نكبة بيسان وتهجير الفلسطينيين منها!
ودلوقتي وانت بتقرأ السطور دي، الغارات شغالة فوق رؤوس أهل القطاع، والتهديد بالاجتياح البري بيقرب أكتر وأكتر.. والهدف المرة دي كالتالي:
جمع سكان القطاع اللي عددهم تقريبًا حوالي 2 مليون نسمة، ونقلهم لمنطقة مساحتها حوالي 45 كيلومتر مربع جنوب محور موراج في رفح.. بمعنى ان كل كيلومتر مربع هيكون عايش فيه حوالي 45 ألف شخص، وده طبعًا تمهيدًا لبدء تهجيرهم بشكل نهائي..
وحتى المقاومة نفسها من يومين أعلنت استعدادها للتخلي عن السلطة في غزة وتسليم الحكم في القطاع للجنة مستقلة.. وحتى أطلقوا سراح جندي أمريكي من ضمن الرهاين، كنوع من أثبات النية الحسنة لترامب.. بس بردو مفيش فايدة والخطة ماضية في التنفيذ برغم كل شيء…
طب وفي وسط كل ده، مصر فين؟!
مصر يا صديقي واقفة لوحدها حرفيًا… ولأول مرة نشوف بعيوننا يعني أيه كلمة الخذلان اللي اتحكالنا عنها قبل كده في كتب التاريخ…
دلوقتي في قمة عربية مقامة في بغداد، محضرهاش حد غير الرئيس المصري بس، ومعاه رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس العراق اللي هي البلد المضيف، ورئيس الصومال ورئيس قطر…
تخيل من وسط 22 دولة عربية، هما دول بس اللي حضروا، والباقي ما بين اللي مجاش خالص وما بين اللي باعت وزير خارجيته أو أي منصب شبيه.. ده حتى إسبانيا نفست حضرت القمة دي ورئيسها هاجم اسرائيل علنًا.. والعرب ولا هما هنا…
المهم ان في وسط القمة من شوية، الرئيس السيسي قال كلمة مهمة أوي.. “حتى لو إسرائيل استطاعت تحقيق اتفاقات تطبيع مع كل الدول العربية، لن يكون هناك سلام حقيقي وشامل ومستدام بدون إقامة دولة فلسطينية على حدود 67، وعاصمتها القدس الشرقية.”
يعني باختصار؛ السلام مش هييجي بالتهجير، ولا هيتحقق بتوزيع الناس وتشتيتهم في دول تانية وبيع أرضهم والاستيلاء على مقدساتهم… والظريف ان أمير قطر غادر بغداد بعد كلمة الرئيس المصري بشوية، ولغى كلمته اللي كان المفروض يقولها.. وفسرها انت حسب ما تشوف براحتك 😃
مصر قالت لأ.. وبقالها كتير أوي بتقول لأ، وواقفين لوحدنا في وسط كل المؤامرات والاتهامات والتخوين والاستفزاز والتحرش السياسي بينا من أكبر دولة في العالم… وكل ده عشان الموضوع دلوقتي مبقاش بمزاجنا للأسف…
مستقبل المنطقة كله دلوقتي بقى متعلق بآخر درع باقي في الشرق الأوسط كله.. مصر… أم الدنيا وأرض الكنانة اللي كانت دايمًا الصخرة الأخيرة اللي بتتحطم عليها أمال وطموحات وغزوات الأعداء وزحفهم…
بس المرة دي للأسف الموضوع كبير وصعب.. أصعب من زمان وأصعب من أي فترة مرت على تاريخ المنطقة العربية كلها تقريبًا، وأخطر حتى من الزحف المغولي.. ده مش مجرد كلام ولا تعبير بلاغي.. ده حقيقي فعلًا.. وقت الزحف المغولي على الاقل كنا قادرين نواجه وكان معانا حلفاء، وكان لسه أهل الحق متوحدين على كلمة لا إله إلا الله..
لكن دلوقتي خلاص مبقاش في منه الكلام ده… الدين بقى موضة قديمة.. والكلمة الأخيرة دلوقتي للبيزنس…
إحنا دلوقتي في لحظة فارقة هتتكب مستقبلًا في كتب التاريخ.. فهل هنفضل على ضعفنا وتفرقنا وخوفنا وخنوعنا، ونسيبهم يكملوا خطتهم اللي هتقضي على ما تبقى من بلاد العرب، وتكون البداية لسقوط آخر حصون المنطقة العربية، وتحولنا جميعًا لبلاد محتلة ومواطنين درجة تانية داخل أوطاننا؟!
ولا لسه في أمل نوقف التهجير، ونفهمهم بالطريقة الصعبة والعملية إن الأرض مش للبيع… وإن الناس مش صناديق شحن… وإن الكرامة مش بند في صفقة القرن؟