مقالات

(فلول) النظام، كذبه لتبرير المذابح بحق العلويين في سوريا

طاهر سعود كاتب وصحفي

استحضار جرائم الأسد للتغطية من خلالها على مجازر الإبادة الجماعية في الساحل

حكام قطر والسعودية شركاء للأتراك في سفك دماء العلويين

في تبرير فاجر، لما يجري اليوم من حرب إبادة بحق العلويين في الساحل السوري. تدّعي سلطة الأمر الواقع بدمشق، المعيّنة من قبل الاحتلال التركي. أن ما حدث في الساحل مؤخراً، هو (انقلاب عسكري)، تمّت السيطرة عليه. وبأن الضحايا هم من (فلول) النظام السابق. سقطوا أثناء المعارك القتالية، ولم تتم تصفيتهم؟!!. حسب زعمها.
وكان السياسي السوري البارز د. كمال اللبواني (وهو سجين سياسي سابق، ومن أشد معارضي نظام الأسد). قد كشف حقيقة ما جرى، فيما يخص العملية العسكرية، التي نفذها ضباط علويون من جيش النظام المنحل، ضد مواقع عسكرية وأمنية للسلطة الجديدة. وكانت الذريعة التي اتخذت لشن حرب إبادة ضد الأهالي العلويين. حيث أكد د. اللبواني، أن تلك العملية قد تمّت بترتيب بين الجولاني وضباط فاسدون من جيش النظام السابق (عملية تخادم). أراد الجولاني من ورائها استعادة شعبيته المتراجعة بين داعميه السنّة؛ عبر محاولة إقناعهم بأن نظام الأسد يسعى للعودة ثانية إلى السلطة. وعليهم الدفاع عن النظام الجديد. في مقابل حصول الضباط العلويين المشاركين في مسرحية العمل العسكري على الأموال من الجولاني. كان نصيب مقداد فتيحة (أحد قادة العملية) نصف مليون دولار أمريكي. وهو الآن، ودائما بحسب مصادر اللبواني، يتحرك بحرية داخل سوريا، تحت حماية أمنية يوفّرها له الجولاني.
الأحداث، كما جرت على أرض الواقع، تؤكد صحة معلومات د. اللبواني، المقرّب من دوائر صنّاع القرار في الغرب. إذ أن العملية العسكرية، نفّذها الضباط العلويون بعدد قليل من المقاتلين، بينهم مدنيون، بأسلحة فردية ومتوسطة. في مواجهة قوات ضخمة العدد، تمتلك أسلحة وعتاد الجيش النظامي المنحل، من طائرات ودبابات، وباقي صنوف الأسلحة الثقيلة. وبدأوا معركتهم فجأة بحرب مفتوحة. لم يمهّدوا لها بعمليات استهداف خاطفة، وكمائن موجعة، تستنزف قوة الخصم، وتضعف معنويات مقاتليه. ولم يحصلوا على غطاء أو دعم خارجي. كما لم يؤمّنوا خطوط إمداد لوجستيه لمقاتليهم.. طبعاً، هم ضباط محترفون، وليسوا سذج للقيام بهكذا عمل، وبالصورة الاستعراضية التي تمّ بها؛ لو أنهم فعلاً أرادوا إسقاط حكومة الجولاني.
لقد شكّل الاحتلال التركي حكومة له في دمشق، من فصائل إسلامية تكفيرية، مصنّفة على لوائح الإرهاب الدولية. ووضعوا لتلك (الحكومة) خارطة طريق. يشرف على تنفيذها مباشرة وزير خارجية النظام التركي هاكان فيدان، حاكم سوريا الفعلي حالياً. ومن أخطر ما تتضمنه، الانتقام من أبناء الطائفة العلوية، ودفعهم للهجرة من سوريا؛ عبر ترويعهم بالعنف الوحشي والمجازر الجماعية، وإذلالهم بالتجويع.. وتحقيقاً لتلك الغاية؛ تمّ حل الجيش وأجهزة الشرطة والأمن، وتسريح أفردها، وغالبيتهم من العلويين، وحرمانهم من كافة حقوقهم. وكذلك طرد الموظفين العلويين (المدنيين) من أعمالهم. وإيقاف صرف رواتب المتقاعدين منهم…
مما لا شك فيه، أن وزير خارجية النظام التركي، هو العقل المدبر لمجازر الساحل السوري. فهو الوحيد المكلف من قبل سيده الطاغية أردوغان بإدارة شؤون سوريا. والتي حوّلاها معاً إلى ولاية تركية، وجعلا منها إمارة إرهاب عالمية. فقد مهد للهولوكوست العلوي، بحملات تحريض طائفي مدفوعة، ضد أبناء الطائفة العلوية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الجوامع. جرى على أثرها تنظيم تظاهرات شعبية (سنّية) في المدن الساحلية، للتنديد بالعلويين، وشتمهم بأقذع الألفاظ الطائفية والمذهبية، والمطالبة بقتلهم.. وهي المرة الأولى في تاريخ الدولة السورية التي يخرج فيها مكوّن ضد آخر شريك له في المواطنة، ويطالب بالقضاء عليه..
وترافق ذلك مع ضخ إعلامي منسق، من قنوات تلفزيونية خليجية. دعمت حملات شيطنة العلويين، وألصقت بهم جرائم نظام الأسد، وحمّلتهم المسؤولية عنها..
كل شيء في مذابح الساحل العلوي، كان قد تمّ الإعداد له مسبقاً بإحكام، من قبل الأتراك وشركائهم في قطر والسعودية. حيث بدأت مذابح الإبادة الجماعية بحق الأهالي المدنيين؛ بافتعال مسرحية التمرد العسكري، من قبل من اطلق عليهم (فلول) النظام السابق. اعلن على أثرها النفير العام من الجوامع، ونادى مشايخ السلفية عبر المآذن، بالجهاد المقدس ضد العلويين. هاجمت بعدها قطعان الفصائل الإسلامية الجهادية، المدنيين العلويين في بيوتهم، ونفّذت بحقهم إعدامات ميدانية ومجازر جماعية واسعة النطاق. لم يسلم منها الأطفال والنساء والشيوخ.. تمت التصفيات على الهوية، وتحت شعارات دينية. وجرى نهب ممتلكات الضحايا وحرق منازلهم.
هذه الفظائع بحق العلويين، ارتكبت بأوامر مباشرة من السلطات التركية في أنقرة. وبدعم وتمويل مالي وسياسي وإعلامي غير محدود من حكومتي الدوحة والرياض. إذ كانت القنوات التلفزيونية الفضائية السعودية والقطرية، ترافق ميدانياً الفصائل الإرهابية، وتنقل للعالم صورة تناقض تماماً حقيقة ما يجري على الأرض. كما توقفت قناتي (العربية) و (العربية الحدث) السعوديتين، وقناة (سكاي نيوز عربية) الإماراتية، عن استضافة مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن. الجهة الوحيدة التي توثّق بدقة وحيادية جرائم الساحل السوري. بعدما كان السيد عبد الرحمن لسنوات عديدة، ضيفاً دائماً على شاشات تلك القنوات الإخبارية الثلاث.
لقد وفّر الإعلام الخليجي في تغطيته لأحداث الساحل السوري، فضاءاً واسعاً من التضليل الإعلامي الرخيص، لمصلحة الإرهابيين التكفيريين. وكان تركيزه منصباً على ما اعتبره عنفاً من جانب (فلول) نظام الأسد. واستحضار جرائم الأخير من الماضي. في محاولة للتغطية من خلالها عما ترتكبه اليوم سلطة الأمر الواقع من مجازر إبادة بحق العلويين.
وفي الوقت الذي كان فيه القتلة الإرهابيون، يصوّرون جرائمهم بأنفسهم، ويوثقونها في مقاطع فيديو، وينشرونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ متباهين ومنتشين بذبح الأهالي العلويين. كان الإعلام الخليجي يشوه الحقائق، ويزيّف الوقائع، ويقدم روايات كاذبة عما يحدث. وكان حكام السعودية وقطر، يمارسوا أكبر قدر ممكن من نفوذهم لدى حكومات الدول العربية والإسلامية؛ لتوفير الغطاء السياسي لتلك المجازر المرتكبة بحق المدنيين العلويين الأبرياء، وحماية القتلة. وبالفعل، تمكّنوا من استصدار بيانات دعم وتأييد، من مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية، والبرلمان العربي.. لما تقوم به سلطة الأمر الواقع من فظائع في الساحل السوري. ولم يكن موقف رابطة العالم الإسلامي أقل خزياً من المواقف الرسمية العربية. بينما التزمت الحكومات الإسلامية، والمؤسسات الدينية الإسلامية، وعلى رأسها الأزهر، الصمت حيال الهولوكوست العلوي. وفي هذا الصمت المشين رضى عما حدث.
في مجازر إبادة علويي سوريا، انتصر حكام تركيا والسعودية وقطر، للإرهاب ضد السلام. وفضحوا حقيقة ما في نفوسهم، من كراهية دينية، وأحقاد مذهبية. والتي تفجّرت فجأة طوفان شر؛ أغرقوا فيه بدماء الأبرياء سماحة الدين الإسلامي، وقيم الأخلاق، والضمير الإنساني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى