سكان غزة بين مطرقة التهجير وسندان التوطين…
إن حجم ومعدل وسرعة الدمار الذي يقوم به الكيان الصهيوني في غزة غير مسبوق، الأمر الذي يعطي مؤشرات وفق السلوك الإسرائيلي المنهج سواءً طال العدوان على القطاع أشهر أم انتهى فوراً، ويثير التساؤلات حول تدفق سكان غزة خارج القطاع كما خططت الحملة الوحشية الإسرائيلية منذ البداية، رغم رفض دول جوار المنطقة المعلن لتهجير الفلسطينيين، فهل نستبعد ذلك؟ أم أن المعطيات تقول أن الاحتلال يمضي قدماً في التخطيط لزرع كتل استيطانية داخل القطاع في الأحياء التي احتلها من ساكنيها أو هدمت منازلها فوق رؤوسهم.
حيث استهدف القصف البنية التحتية بالأخص المشافي ومقرات الإغاثة ومباني الجامعات والمدارس والمؤسسات المدنية وكذلك الأراضي الزراعية والمخابز في شمال ووسط غزة مما يؤكد محاولاته منع عودة السكان إلى القطاع..
وللتحفيز كما حدث سابقاً تقوم حكومة الكيان الصهيوني بعد ذلك بتصنيف تلك المناطق المدمرة على أنها مناطق ذات أولوية وتستحق “بنظرها” إعفاءات موسعة من الضرائب للأفراد والشركات، وتلقي التعليم مجاناً لمن سيقطنها و اعتبار المستوطنات الزراعية متها لا تدفع أي رسوم إيجار عن أراضيها وكلها أراض مصادرة بشكل غير قانوني” اغتصاب” من الفلسطينيين.
ذلك الأمر الذي قد يجهضف في حال إتمام المشروع الاستيطاني في قطع الاتصال الجغرافي بين مناطق فلسطينية متاخمة تؤسس مستقبلاً لإقامة الدولة الفلسطينية إضافة لفصل القطاع كحركة مقاومة عن محيطه الإقليمي براً وبحراً عبر تواجد رصيف بحري أو قطع عسكرية لقوات بحرية وبرية أمريكية على شاطئ القطاع وهنا يكفي حسب العقلية الصهيونية قيام بؤر استيطانية بأعداد قليلة في مواقع إستراتيجية يختارها المستوطنون بعناية دون طلب الإذن من أحد ثم تسيطر البؤر الاستيطانية على أضعاف مساحتها من الأراضي الفلسطينية عبر مصادرتها أو إعلانها مناطق عسكرية عبر استخدام العنف والإرهاب الاستيطاني.
وهناك من المواقع الكثيرة التي تطرح للبدء في مشروع إعادة استيطان غزة ومثالها السابق محور نتساريم بغية للعمل على قطع أوصال القطاع وإقامة الحواجز الدائمة والتحكم بشكل كامل في حركة تنقل المواطنين والمركبات من شمال القطاع وجنوبه ووسطه.
وبالفعل حسب تقارير إسرائيلية بدأ العمل على إنشاء طريق سريع بدءاً من شرق القطاع بالقرب من مستوطنة ناحال عوز حتى شاطئ البحر غرباً وتدمير المربعات السكنية على جانبي الطريق للبدء بتأسيس البؤر الاستيطانية.
طبعاً تلك أماني الكيان الغاصب وغاياته بالدرجة الأولى ضرب عدة عصافير بحجر واحد ومنها إحداث القطيعة الجغرافية مع المحيطين الداخلي الفلسطيني والخارجي، أيضاً كشف ظهر المقاومة الفلسطينية في داخل القطاع وإخراحها من الحاضنة الشعبية بالإضافة إلى الجانب الإقتصادي المرتبط بمحاولات السيطرة على الشاطئ البحري في القطاع وهو الأمر المتعلق ليس فقط بالكيان بل بداعمي هذا الكيان الصهيوني والأمر الذي قد يدمر كل المخططات الصهيونية ومن ورائها لما لتلك الدول من مصالح متضاربة مع هذا المشروع إضافة إلى مدى قدرة المقاومة ومن يساندها على التصدي لهذا المشروع الخبيث..
والنتائج وقدرات المقاومة هي الكفيلة بالإجابة على تلك الأحلام الصهيونية القديمة المتجددة واحباطها..
بقلم الباحث في العلاقات الدولية
د. نضال شبول – صوت سورية