مقالات

سقوط نتنياهو أم سقوط ترامب ؟

محمد اليمني كاتب وباحث سياسي

هكذا ينظر أركان الائتلاف الى اعتراف بعض الدول الأوروبية بـالدولة الفاسطينية : اعلان الحرب على اسرائيل . وجهان لذلك . الوجه الايديولوجي , وحيث أرض الميعاد لليهود فقط , دون أي فئة أخرى , والا كان “الخروج على يهوه” . الوجه الاستراتيجي الذي يرى أن أي دولة فلسطينية في الضفة وغزة هي قنبلة (أكثر بكثير من أن تكون قنبلة نووية) في الخاصرة الاسرائيلية , وهذا ما تعكسه “العيون النارية” للفلسطينيين .
اذ لا يمكن الذهاب بعيداً في الرهان على الخلاف أو الاختلاف بين دونالد نرامب وبنيامين نتنياهو , القيادة الاسرائيلية تتوجس من “ذلك الشيء الغامض” الذي حدث بين الرئيس الأميركي , وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول مقاربة مختلفة لـ”التراجيديا الفلسطينية” , وبعدما تبين أن رئيس الحكومة الاسرائيلية ماض في المتاهة الدموية , دون أن يمتلك أي تصور لليوم التالي سوى ترحيل سكان القطاع , ولكن الى أين , بعدما أفادت تقارير وكالة الاستخبارات المركزية أن أي عملية ترحيل , في اتجاه مصر والأردن , يمكن أن يفضي الى تداعيات بنيوبة خطيرة في البلدين الحليفين .
الاسرائيليون يتساءلون ما اذا كان بامكان فرنسا والسعودية الدعوة الى عقد مؤتمر دولي حول الملف الفلسطيني , في نيويورك , ما بين 17 و20 حزيران , دون الضوء الأخضر الأميركي , وما اذا كانت هناك خلفية محددة تشي بحصول تطور ما في الداخل الاسرائيلي قبل ذلك الموعد , وان كان السؤال الأكثر حساسية هو هل يندرج ذلك في اطار السيناريو الترامبي , باعلان واشنطن الاعتراف بانشاء دولة فلسطينية , يفضي بالمملكة العربية السعودية , بما تتمتع به من ثقل مادي وثقل معنوي , الى التطبيع مع اسرائيل ما يستتبع التحاق ما تبقى من الدول العربية بدومينو التطبيع . تالياً دخول الشرق الأوسط , لعقود طويلة قد تمتد لحين ظهور الماشيح , في “الزمن الأميركي” (متى كان خارجه ؟) , حتى وان كان المخططون الاستراتيجيون الأميركيون يعتقدون أن هذا القرن قد يشهد تطورات زلزالية يمكن أن تحدث تغييرأ حتى في دوران الكرة الأرضية .
بطبيعة الحال , باستطاعة الولايات المتحدة المؤازرة المباشرة للدولة العبرية من أجل صد أي خطر خارجي , وهذا ما بدا واضحاً من خلال مئات الطائرات التي كانت تحط في المطارات الاسرائيلية , ناقلة الأسلحة والذخائر , وكذلك مئات السفن التي ما زالت ترسو في المرافئ الاسرائيلية للغاية نفسها , ومنذ بدء عملية غزو غزة . لكنها لا تستطيع مؤازرتها للحيلولة دون وقوع انفجار داخلي , بعدما بات جلياً ظهور انشقاقات دراماتيكية في البنى السياسية والعسكرية وحتى البنى الأمنية , في اسرائيل .
من هذه النقطة بالذات الكلام عن خلافات عميقة داخل هيئة الأركان الاسرائيلية حول طريقة التعامل مع آيات الله . فريق من الجنرالات , على رأسهم رئيس الأركان ايال زامير يتبنى “الاتجاه المطلق” لنتنياهو حول الضرورة الوجودية لتوجيه ضربة الى ايران , ولو كانت الضربة النووية . وفريق آخر يرفض هذا الاتجاه “لأننا لا نريد أن نخسر أميركا” , وعدم الوصول بالعلاقات مع ادارة ترامب الى حدود خطيرة , بعدما أبلغ الجنرال مايكل كوريلا , قائد القيادة المركزية , كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الاسرائيلين بأن موضوع البرنامج النووي الايرائي مسألة تتعلق بالأمن الاستراتيجي لبلاده التي هي من تقرر ما الخيار , سواء كان ديبلوماسياً أ عسكرياً .
اضطراب عمودي , وأفقي , في اسرائيل . أركان الائتلاف الذين لا يرون ما يحدث في العالم , ودائماً بتلك الخلفية الايديولوجية العمياء , يرون أن ابتعاد الرئيس الأميركي عن اسرائيل , خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية , ان بمغازلة آيات الله , بالتهديدات التكتكية , والتي قد تكون كاريكاتورية , اوبالخضوع لـ”الابتزاز” السعودي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية , لا بد أن يفجّر أميركا من الداخل . كيف ؟
هم يعتبرون أن أكثرية أعضاء الكونغرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) ضاقوا ذرعاً بالسياسات العشوائية لدونالد ترامب (الذي قدم لاسرائيل ما لم يقدمه أي رئيس آخر) , لا سيما حيال الموضوع الفلسطيني , قد يرفعون الصوت في وجهه , حتى أن النائب الجمهوري راندي فاين دعا , في حديث الى قناة “فوكس نيوز” , وبلغة وزير التراث الاسرائيلي عميحاي الياهو , الى القاء القنبلة النووية على غزة , ودون أن يعترض احد من أولئك الأعضاء على الدعوة الخطيرة التي تعتبر اختراقاً مروعاً للقاعدة الفلسفية التي انهجتها الادارات الأميركية , ومنذ قنبلة هيروشيما , أي الحيلولة دون اللجوء الى الخيار النووي في حل أي نزاع يقع في أي منطقة من العالم .
ولكن مقابل دعوة فاين , بذروة العشق للدولة العبرية التي تكاد تزيل , وبالقنابل الأميركية , أي أثر للقطاع , ولأهل القطاع , ثمة شاب أميركي يدعى الياس رودريغز , يكره الدولة العبرية , بعدما شاهد المذابح اليومية بحق الفلسطينيين , أردى موظفين في السفارة الاسرائيلية في واشنطن . الطريف هنا أن تهمة اللاسامية في مواقع التواصل الاسرائيلية لا تقتصر على رودريغز , بل تشمل ترامب نفسه , كونه بالسياسات الملتبسة حيال الشرق الأوسط ساهم , بصورة أو بأخرى , في حصول العملية .
في مواقع اسرائيلية أخرى . من يسقط في ذلك الصراع (أي صراع ؟) بنيامين نتنياهو أم دونالد ترامب ؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى