عـمـلـيـة “الـجـدار الـحـديـدي”: “إنـهـم يـفـعـلـون هـنـا مـا فـعـلوه فـي غـزة”

محمد اليمني باحث في الشؤون السياسية
منذ يوم 21 كانون الثاني/يناير 2025، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي في شن حملة عسكرية واسعة، بدعم من المدرعات والجرافات والطائرات من دون طيار، أطلق عليها اسم “الجدار الحديدي”، واستهدفت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الواقعة في شمال الضفة الغربية المحتلة، وهي مخيمات جنين، وطولكرم، ونور شمس والفارعة. وبحسب بعض التقديرات، استشهد خلال هذه العملية، حتى الآن، 42 فلسطينياً وفلسطينية، من بينهم 12 طفلاً، بينما هُجّر قسراً من منازلهم ما لا يقلّ عن 45,000 لاجئ ولاجئة.
لماذا “الجدار الحديدي”؟
أصبح واضحاً أن حكومة الحرب الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو تريد أن تُخضع الفلسطينيين بالقوة، وتشعرهم بأنهم “شعب مهزوم”، كي تردعهم عن مواصلة مقاومتهم للاحتلال، والقضاء على مقومات حياتهم بغية إجبارهم على الهجرة إن أمكنها ذلك. كما بات معروفاً أن الأسماء التي يطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي على عملياته العسكرية، التي تستهدف الشعب الفلسطيني، أو الشعوب العربية الأخرى، تنطوي دوماً على دلالات سياسية معيّنة. فـ”الجدار الحديدي” هو عنوان مقال نشره، في سنة 1923، زئيف فلاديمير جابوتنسكي، المرشد الروحي لبنيامين نتنياهو، سخر فيه من أولئك الصهيونيين الذين يراهنون على التوصل إلى اتفاق مع سكان فلسطين العرب يسمح بتحقيق مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين، مؤكداً أن هذا المشروع لا يجب أن يبقى مرتهناً لقبول السكان العرب، بل يجب أن يتطوّر على الرغم منهم “خلف جدار من حديد لا يمكن لهؤلاء السكان إزالته”، ومقدّراً أن “الطريق الوحيد الذي يمكنه إيصالنا إلى اتفاق [مع العرب] هو طريق الجدار الحديدي، أي وجود قوة، في فلسطين، لا تكون خاضعة بأي شكل من الأشكال لنفوذ العرب؛ وبتعبير آخر: إن الوسيلة الوحيدة للوصول إلى اتفاق مستقبلي هو التخلي عن محاولة الوصول إلى اتفاق اليوم”.
وبشأن “أخلاقية” هذا الجدار الحديدي، أكد جابوتنسكي أنه عندما يسعى العرب إلى الحؤول دون “انتصار قضية عادلة”، فسيتوجب على اليهود “استخدام القوة العامة ووسائل الدفاع الذاتي لإفشال محاولاتهم”، وخصوصاً بعد “أن اعترف العالم المتحضر بأسره بحق اليهود في الرجوع إلى فلسطين” التي “طردوا منها”، وأضاف: “يُقال إن هناك ما بين 15 إلى 16 مليوناً من اليهود، يعيش نصفهم حياة بائسة، ويتعرضون للملاحقة من دون وطن بالمعنى الدقيق للكلمة، بينما يبلغ عدد العرب نحو 38 مليوناً، وهم يحتلون المغرب، والجزائر، وتونس وطرابلس الغرب وبرقة، ومصر، وسورية، وبلاد الرافدين، وشبه الجزيرة العربية، أي مساحة تعادل، إذا ما استثنينا الصحراء، نصف مساحة أوروبا”، ليخلص إلى أن “انتزاع ملكية أرض من شعب يمتلك مساحات واسعة من الأراضي، لإقامة وطن لشعب يهوم على وجهه، هو فعل عدالة؛ وإذا عارض المالك (وهو أمر طبيعي تماماً)، فيجب إرغامه على القبول، ذلك إن حقيقة مقدسة تتطلب استخدام القوة لتثبيتها، تظل حقيقة مقدسة؛ وعلى هذا يستند موقفنا الوحيد في مواجهة المعارضة العربية” (1).
وكالة “الأونروا” تؤكد إفراغ مخيم جنين من سكانه
في ربيع سنة 2002، خلال أحداث الانتفاضة الثانية، قامت قوات الاحتلال باحتلال مخيم جنين بعد عشرة أيام من المقاومة الفلسطينية البطولية، ودمرت أكثر من 400 منزل، وألحقت أضراراً جسيمة بمئات المنازل الأخرى، وشردت أكثر من ربع سكان المخيم، وتكفلت وكالة “الأونروا” آنذاك بعمليات إعادة الإعمار. وفي السنوات الأخيرة، صار، جيش الاحتلال يشن عمليات عسكرية منتظمة على المخيم بذريعة القضاء على المقاومة فيه.
في الرابع من شهر شباط/فبراير الجاري، أكدت وكالة “الأونروا” إفراغ مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين من سكانه البالغ عددهم 30,000 نسمة في أعقاب العمليات التي شنها الجيش الإسرائيلي منذ 21 كانون الثاني/يناير الفائت، مقدّرة أن هذا المخيم يتجه “نحو الكارثة”، إذ “تم تدمير أجزاء كبيرة منه بالكامل جراء سلسلة من عمليات القصف التي قامت بها القوات الإسرائيلية”. وقالت جولييت توما، مديرة الإعلام في وكالة “الأونروا”: “وفقاً لمعلوماتنا، فإن جميع سكان المخيم غادروا المخيم هذا الصباح”، وانتقلوا إلى “المناطق المحيطة بالمخيم أو إلى مخيمات أخرى مجاورة”، وأضافت أن التصعيد الجديد حدث في اليوم الذي “كان من المفترض أن يعود الأطفال إلى مدارسهم في المخيم”، وهو ما أدّى إلى بقاء “13 مدرسة في المخيم ومحيطه مغلقة، وأثّر ذلك على 5,000 طفل في المنطقة” (2). ويصف أحد السكان “الوضع المأساوي” في المخيم، فيقول: “في مساء يوم الثلاثاء في الرابع من شهر شباط/الجاري، قصفت طائرة من دون طيار منزلنا، وقُتل أحد الجيران الذي كان يريد العودة إلى منزله للتحقق من وضعه، على يد قناص من الجيش الإسرائيلي”، وأضاف: “فالطائرات من دون طيار، التي لا يسمعها أحد ولكن يمكن رؤيتها، تحلق باستمرار في السماء؛ فهناك طائرات تقوم بالقصف، وطائرات أخرى تقوم بالمراقبة، وأخيراً هناك طائرات ترسل رسائل إلى السكان”، وقد “تلقيت قبل بضعة أيام، رسالة عبر طائرة من دون طيار تخبرني أن لدي بضع ساعات لمغادرة منزلي، وأنني إذا بقيت، فسيكون ذلك على مسؤوليتي الخاصة” (3).
عائلات فلسطينية تفر من الهجوم على مخيم نور شمس
“إنهم يفعلون هنا ما فعلوه في غزة”، هذا ما قاله أحمد عزت لوكالة “فرانس برس”، بعد فراره يوم الاثنين في 10 شباط/فبراير الجاري، مع عشرات العائلات الفلسطينية من مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين، وذلك بينما كانت الجرافات تقوم بأعمال تدمير المنازل والبنى التحتية. أما أحمد أبو زهرة، وهو ساكن آخر من سكان المخيم، أُجبر على مغادرة منزله، فيقول: “جاء الجيش وأجبرنا على المغادرة بعد أن بدأوا في تدمير منازلنا”. وبحسب مراد عليان، عضو اللجنة الشعبية للمخيم، فإن “أكثر من نصف سكان المخيم البالغ عددهم 13 ألفاً فروا خوفاً على حياتهم”. ورأى محافظ طوباس أحمد الأسعد أن ما يعيشه سكان المخيم “غير مسبوق”، مؤكداً أن “العمليات الإسرائيلية لم تستهدف اليوم مقاتلين بل مدنيين ونساء وأطفال، وفجرت المنازل لإجبار السكان على الرحيل”. بينما اعتبر عبد الله كميل، محافظ طولكرم، أن “الهدف من العمليات الإسرائيلية سياسي وليس أمنياً..فهم يدمرون كل شيء ويسعون إلى تغيير التركيبة السكانية في المنطقة” (4).
وقالت نهاية الجندي، إحدى سكان مخيم نور شمس للاجئين ومديرة “جمعية نور شمس لتأهيل المعاقين” لموقع “مندوايس” الإخباري: “قبل أن نضطر إلى مغادرة منزلنا مع زوجي وأطفالي، أمضينا يومين من دون ماء، لأن قوات الاحتلال قطعت المياه عن جميع أنحاء المخيم”، وتابعت: “كان جنود الاحتلال يتنقلون من منزل إلى منزل ويجبرون الناس على الخروج، بينما كنت أنا وعائلتي ننتظر دورنا منذ يومين”؛ وتتذكر قائلة: “لقد فتشونا واستجوبونا، ثم جعلونا نتحرك في اتجاه محدد”، وقد “مشينا في الشوارع المدمرة، بين برك مياه الأمطار؛ تعثر وسقط البعض، من رجال ونساء، وأطفال وشيوخ، وكان البعض يبكي، إذ كان الأمر مهيناً ومؤلماً للغاية”. وتروي نهاية الجندي ما حدث مع جارتها سندس شلبي، التي كانت حاملاً في شهرها الثامن، فتقول إن جارتها: “قررت مع زوجها الخروج يوم الأحد خوفاً من الولادة أثناء حصار المخيم، وبينما كان زوجها يقود سيارته على الطريق المؤدي إلى بلدة بلعا خارج مخيم اللاجئين، أطلق جنود الاحتلال النار على السيارة، فأصيب وفقد السيطرة عليها، مما أدى إلى انقلاب السيارة ومقتل سندس وجنينها، ولا يزال زوجها يرقد في العناية المركزة في مستشفى طولكرم” (5).
فلسطينيون يعودون إلى مخيمهم الذي دمره جيش الاحتلال
“أكوام من الأسفلت المحطم والمعادن الملتوية، التي خلفتها جرافات الجيش الإسرائيلي، تصطف على ما تبقى من شارع في مخيم الفارعة في الضفة الغربية المحتلة، حيث تمكن السكان من العودة إليه هذا الأسبوع”؛ و”فوق الأنقاض، اقتلعت الحفارات واجهات بعض المباني”، وبرز “سقف خرساني مهتز على وشك الانهيار على الطريق المدمر”، هكذا وصف أحد سكان مخيم الفارعة الوضع في مخيمه بعد قيام جيش الاحتلال بشن الهجوم عليه.
وقال أحمد أبو سريس البالغ من العمر 86 عاماً، الذي عاد إلى منزله يوم الأربعاء في 12 شباط/فبراير الجاري لوكالة” فرانس برس”: “عندما عدنا وجدنا المنزل بأكمله مقلوباً رأساً على عقب”. وكان هذا الرجل المسن، الذي “يمشي بواسطة عصا قد غادر المخيم، لمدة أربعة أيام، مع أبنائه هرباً من الغارات الإسرائيلية”، فقام الجنود “بنهب منزله أثناء غيابه”. ولدى إجباره على الرحيل استرجع ذكريات مؤلمة، إذ “كان عمره تسع سنوات عندما طُردت عائلته من حيفا”، ويقول: “هذه هي النكبة الثالثة بالنسبة لنا؛ كانت الأولى عندما كنت طفلاً، والثانية عندما كنت شاباً يافعاً [سنة 1967]، والآن، وأنا رجل عجوز، أعيشها من جديد”، وأضاف: “لا أشعر حتى بالأمان في المنزل؛ فإذا بقيت، يمكن أن يأتي الجنود الإسرائيليون ويهاجمونني ويعتقلونني”. أما أحمد عبد الله، وهو في الثلاثينيات من العمر، فقد قرر هو وزوجته البقاء في المنزل على الرغم من الهجوم الإسرائيلي على المخيم، وقال: “لم يكن هناك ماء أو كهرباء، وكنا نخشى المغامرة بالخروج للبحث عن الطعام”، وقد تعرض منزله “لاقتحامات جنود الاحتلال ثلاث مرات وقاموا بتخريبه”، وهو “لا يتذكر عملية إسرائيلية بهذا الحجم ضد المخيم”، ويصرّح، وهو يقف أمام بعض الأنقاض التي تمت إزالتها: “لقد كان أصعب هجوم”، و”سيسجل في تاريخ المخيم”.
ويعلّق أحمد الأسعد، محافظ طوباس، حيث يقع مخيم الفارعة، على الهجوم الإسرائيلي بقوله: “إن الجنود عندما اقتحموا المخيم، قاموا بمساعدة جرافات مدرعة بقطع المياه والكهرباء عن أجزاء منه”، ويضيف: “لم نتمكن من إجلاء المرضى الذين يعانون من مشاكل في الكلى أو إيصال الأدوية لهم”. كما تعرض مبنى اللجنة الشعبية في المخيم لأضرار جسيمة خلال الهجوم، و”تمّ، في أحد المكاتب، تمزيق صورة كبيرة لقبة الصخرة المشرفة على ساحة المسجد الأقصى في القدس بسكين من دون سبب” (6).
ما يحصل في الضفة يشبه ما حصل في غزة
يرى العديد من المراقبين أن وجود الفلسطينيين في الأرض المحتلة بات “مهدداً” في حد ذاته، بعد الحملة الإسرائيلية على مخيمات اللاجئين في الشمال، حيث “تقوم الدبابات والجرافات الإسرائيلية بتدمير المنازل والبنى التحتية”، ويصعّد المستوطنون الإسرائيليون “من هجماتهم على التجمعات الفلسطينية، في جميع أنحاء المنطقة (ج) من الضفة الغربية، بالتوازي مع العمليات العسكرية”. وبحسب ديانا الزير، نائبة رئيس “الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان” وممثلة مؤسسة “الحق” الفلسطينية، فإن “ما نشهده في الضفة الغربية هو أسوأ وضع منذ الانتفاضة الثانية، بل إن بعض جوانب الحملة العسكرية أسوأ من ذلك؛ فالأساليب المستخدمة تشبه تلك التي شهدناها خلال حملة الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل في غزة”، وأضافت: “لقد كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي في غاية الوحشية في أساليبها في إفراغ مخيمات اللاجئين، وتفتيش منازل الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية والمساكن، واستخدام الغارات الجوية لقتل الفلسطينيين، وعرقلة الرعاية الطبية في التجمعات السكانية”.
وعلى الرغم من أن “هذا الوضع فاضح ومخالف تماماً للقانون الدولي”، فإن “ما من أحد يبدي أي رد فعل، وكأن هذا العنف يحظى بموافقة المجتمع الدولي”، و”يتجنب الاتحاد الأوروبي مرة أخرى اتخاذ موقف لصالح حقوق الفلسطينيين”. وتخلص الناشطة الفلسطينية في مجال حقوق الإنسان إلى أنه “في الوقت الذي تهدد فيه إسرائيل بالفعل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فإن احتمال إنهاء حق الفلسطينيين في العودة وحقهم في تقرير المصير يلوح في الأفق”، داعية المجتمع الدولي “تماشياً مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في تموز/يوليو، إلى أن يعمل معاً لإنهاء الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي غير القانوني”، ومعتبرة أن الوقت حان “لكي يحمي المجتمع الدولي القانون الدولي ويضع حداً للإفلات من العقاب، بدءاً من إسرائيل” (7).
وكالة “الأونروا” تؤكد تصميمها على مواصلة عملها الإنساني
ترافقت عملية “الجدار الحديدي” التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي مع سريان مفعول القرار الذي اتخذه الكنيست الإسرائيلي بحظر نشاط وكالة “الأونروا”، وإجبارها على إخلاء مقرها في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، حيث أصبحت الآن “شخصاً غير مرغوب فيه”.
وتعليقاً على هذا الإجراء التعسفي، أكدت وكالة “الأونروا” يوم الأربعاء في 29 كانون الثاني/يناير الفائت تصميمها على مواصلة تقديم المساعدات الأساسية لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، وفقاً للتفويض الممنوح لها من هيئة الأمم المتحدة، وقال المتحدث باسمها، جوناثان فاولر، في مقابلة مع موقع “الأمم المتحدة للمعلومات”: “يتوجب علينا أن نواصل العمل”، وأضاف أن الموظفين الدوليين للوكالة تمّ نقلهم مؤقتاً إلى الأردن، بينما لا يزال معظم موظفي “الأونروا”، وهم من الموظفين المحليين، في الموقع. وقدّر المتحدث باسم الوكالة، لدى تطرقه إلى العواقب المترتبة على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، أن وقف أنشطة وكالة “الأونروا”، سيؤثر على عشرات آلاف المرضى والطلبة الذين “يستفيدون من خدمات الرعاية الصحية والتعليمية التي تقدمها الوكالة”.
من جهته، أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في المؤتمر الصحفي اليومي للأمم المتحدة في نيويورك يوم الخميس في 30 كانون الثاني/يناير الفائت، أن الوكالة “ستواصل أنشطتها على الأرض”، وأن موظفيها لا يزالون في مواقع عملهم، يستمرون “في تقديم المساعدات والخدمات للمجتمعات التي يخدمونها”، وأضاف “أن عيادات الأونروا في جميع انحاء الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، لا تزال مفتوحة”. لكنه توقف عند القانون الثاني الذي اتخذه الكنيست، والذي يحظر على المسؤولين الإسرائيليين التعامل مع وكالة “الأونروا” وموظفيها، وتساءل: “ماذا يعني هذا بالنسبة لعمل نظامنا المدرسي في الضفة الغربية؟ وبالنسبة لنظامنا الصحي؟ وفي المناطق التي نقدم فيها خدمات كنس الشوارع وجمع القمامة وكل هذه الخدمات الصحية العامة؛ هل سيتمكن موظفونا من التنقل؟ هل سنتمكن من إعادة تزويد عياداتنا بالأدوية؟”، متوقعاً أن يعقّد هذا القانون الثاني نشاطات الوكالة في قطاع غزة، “حيث تتحكم إسرائيل في جميع عمليات توصيل المساعدات الإنسانية إلى القطاع”.
وخلص المتحدث باسم وكالة “الأونروا”، جوناثان فاولر، إلى أنه “لا توجد أي وكالة أخرى تمتلك تفويضاً من الجمعية العامة للأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين”، داعياً “إلى بذل كل جهد ممكن لإقناع السلطات الإسرائيلية بتجميد تطبيق القانونين اللذين دخلا حيز التنفيذ، أو حتى إلغائهما بصورة كلية” (8).
خاتمة:
وصفت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية بأنها “ممارسات إجرامية”، محذرة من أن “نية الإبادة الجماعية واضحة في الطريقة التي تستهدف بها إسرائيل الفلسطينيين”، ودعت، يوم الأحد في 2 شباط/فبراير الجاري، المجتمع الدولي، عبر حسابها على منصة “إكس”، إلى التدخل ووقف عمليات التدمير التي “امتدت إلى جميع الأراضي المحتلة، وليس غزة فقط” (9).
أما الشعب الفلسطيني، فليس أمامه من خيار سوى أن يستمر في مقاومته وفي الصمود على أرض وطنه، ليثبت لمحتليه أنه شعب لن يشعر بالهزيمة، مهما بلغت شدة معاناته ومهما عظمت نكباته.