سوريمقالات

سلطة الأمر الواقع للأقليات في سوريا: عليكم تسليم سلاحكم؛ كي نقتلكم به وأنتم عزّل

طاهر سعود كاتب وباحث سياسي

لو أنهم ارتكبوا الخطأ ذاته الذي وقع فيه العلويون، بتسليم سلاحهم مجاناً لسلطة الأمر الواقع؛ لكان مصير الموحدون الدروز مشابهاً لذاك الذي لاقاه العلويون في الساحل السوري؛ من عمليات إبادة جماعية، وتطهير عرقي.. على أيدي فصائل (إسلامية) إرهابية متوحشة. تتبع لسلطة الأمر الواقع، وتديرها الاستخبارات التركية.
إن شجاعة الدروز، وتمسكهم بسلاحهم. كان هو المنقذ لهم من مجازر مروعة. كانت ستطالهم بالتأكيد؛ لو أنهم تخلّو عن سلاحهم، وسلّموا أمنهم لسلطة الأمر الواقع. المصنفة على قوائم الإرهاب الدولية، والمعيّنة من قبل الاحتلال التركي. فهم، كما الأكراد، والعلويون، والمسيحيون، والإسماعيليون، والمرشديون، واليهود. مهددون في وجودهم داخل وطنهم، سوريا. من تلك السلطة التكفيرية، ومن وراءها.
يسيطر الأتراك اليوم على الأرض السورية، بواسطة فصائل إرهابية متعددة الجنسيات. جرى إعدادها وتدريبها، وتنصيبها بالقوة سلطة أمر واقع على السوريين، من قبل الاستخبارات التركية. بتواطؤ غربي، ودعم مباشر من حكام السعودية وقطر.
وتتصرف تلك الفصائل السلفية الجهادية، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً، وهي من فروع تنظيم القاعدة) مع سوريا؛ باعتبارها غنيمة حرب، مستباحة لهم. ويتعامل مقاتلوها، والكثير منهم إرهابيون أجانب (شيشان، واوزبكستان، وتركستان، وإيغور..) مع أبناء الأقليات، وبخاصة منهم العلويون، والدروز، والمسيحيين؛ على أنهم كفار وملاحقين. يجب قتل رجالهم، وسبي نسائهم، واستحلال أملاكهم.. وذلك كواجب ديني؛ حسبما يعتقدون؟ّ!!. وهو ما يطبقونه الآن فعلياً على أرض الواقع في المناطق العلوية. وحاولوا تكراره في أماكن الدروز بضواحي دمشق والسويداء. واستهدفوا به المسيحيين أيضاً.
تلك الجرائم الممنهجة، التي تستهدف اليوم أبناء طوائف الأقليات في سوريا. تنفذها الفصائل التكفيرية الإرهابية، بتخطيط من الاستخبارات التركية، تحت إشراف هاكان فيدان، وزير خارجية أردوغان، وحاكم سوريا الفعلي. وتمول من حكام السعودية وقطر. وتواطؤ عربي ودولي وإسلامي مخزي. ففي آذار/ مارس الماضي. ارتكبت فصائل السلفية الجهادية، بقيادة هيئة تحرير الشام. حرب إبادة جماعية، وتطهير عرقي، ومحاولة إفناء طائفة دينية.. بحق أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري. راح ضحيتها عشرات آلاف المدنيين الأبرياء من العلويين، ونهبت منازلهم ومحلاتهم التجارية قبل حرقها.. وقد شارك فيها الإعلام السعودي والقطري مباشرة. حيث كان يرافق ميدانياً المقاتلين التكفيريين. وينقل للعالم أخبار مضللة عن حقيقة ما كان يجري في الواقع. أما حكام دول الخليج العربي، فقد سارعوا بعد ساعات قليلة من بدء حدوث المجازر الطائفية بحق المدنيين العلويين، إلى إصدار بيان رسمي عن مجلس التعاون الخليجي. أكدوا فيه على تضامنهم مع القتلة، ودعمهم لما يجري. وكذلك فعلت جامعة الدول العربية. وحصل الإرهابيون القتلة على دعم قوي من رابطة العالم الإسلامي، التي تهيمن عليها تركيا والسعودية. بينما التزم الأزهر، ورئيسه أحمد الطيب، الصمت المريب، تجاه المجازر الطائفية المروعة، التي ترتكب باسم الإسلام. ولم يدن الأزهر ورئيسه قتل المدنيين الأبرياء في سوريا. وكان ذلك تشجيعاً للإرهابيين على مواصلة جرائمهم الشنيعة ضد المدنيين العلويين العزّل. ثم سخرت تركيا، والسعودية، وقطر، دبلوماسياتها، وإعلامها المضلل للتعمية على ما جرى بحق العلويين، والمسيحيين ومن بعدهما الدروز من مذابح وجرائم ضد الإنسانية. وبسخاء ضخ القطريون والسعوديون أموالهم القذرة لشراء ذمم السياسيين، والصحفيين، والكتاب، والمؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأجل طمس معالم الجرائم المرتكبة بحق أبناء الأقليات في سوريا، وتقديم صورة مزيفة عن حقيقة ما حدث ويحدث في هذا البلد.
اليوم، تشهد المناطق العلوية في الساحل وحمص وريف حماه؛ عمليات اختطاف منظمة، واسعة النطاق. تطال نساء وشباب الطائفة العلوية. الشباب منهم يقتلون تحت التعذيب، أما النساء فيتم استعبادهن جنسياً. تلك الجرائم الطائفية الحاقدة، تنفذها فرق موت محمية من سلطة الأمر الواقع بدمشق، وتتبع للاستخبارات التركية. غايتها تهجير العلويين من وطنهم. وقطع ذلك الامتداد الجغرافي الواصل فيما بين مناطق علويي سوريا بمناطق أخوتهم علويو تركيا.
ما حدث للعلويين من مذابح طائفية في آذار/ مارس الماضي، وما سبقها وتبعها من جرائم منسقة بحقهم. يتحمل العلويون أنفسهم جزءاً من المسؤولية عنها؛ بسبب سوء تصرفهم، وثقتهم العمياء غير المبررة بسلطة فصائل السلفية الجهادية. التي فرضها الاحتلال التركي، سلطة أمر واقع على السوريين. ومسارعة العلويين للتفريط بما لديهم من سلاح حماية ذاتية، وتقديمه لتلك السلطة غير الشرعية، التي تتربص بهم شراً. وقيام عدد غير قليل من مشايخهم، بإصدار بيانات باسم الطائفة، التي لا يمثّلون فيها غير أنفسهم؛ أعلنوا من خلالها عن تأييدهم المطلق، وولائهم لسلطة تكفيرية؛ ترى في قتلهم، والقضاء عليهم؛ واجباً دينياً مقدساً؟!!!..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى