يصنف رئيسي

الرئيس الأسد يتحدث في الشأن السياسي خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي

الأسد خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي

المصدر: وكالة الأنباء السورية

التمسك بالقضايا هو الذي يحمي الشعوب ويحمي الأوطان

وقال الرئيس الأسد: ماذا يعني أن الشعب الفلسطيني نجح في التمسك بقضيته؟ الدرس الأهم أن القضايا هي التي تحمي الشعوب، وهي التي تحمي الأوطان، لذلك عمل الغرب في الدعاية على أن المجتمع الجديد بعد سقوط الاتحاد السوفييتي هو مجتمع من دون عقائد، مجتمع لا يحمل قضايا، مجتمع لا يحمل إيديولوجيا، لا يحمل سوى الأفكار المادية، القضايا السريعة مثل الطعام السريع، أكل غير صحي، أفكار سريعة مادية تؤدي للسيطرة على هذه الشعوب.

لذلك يجب أن نعرف بأن الدبلوماسية.. لأن البعض ينظّر كثيراً عن إجراء دبلوماسي قامت به سورية، لماذا قمنا بهذا العمل في هذا المكان؟ لماذا لم نسر مع السرب؟ يعني التكتيك مؤقتاً، لا يعرف هو إلى أين يسير السرب. لماذا لم نساير أمريكا مثلاً في حربها على العراق عندما طلبوا منا شيئاً بسيطاً أن تخرج الطائرات الأمريكية فوق الأجواء السورية، مع أنه لن يراها المواطن السوري.. ستكون على ارتفاعات عالية، لأنهم لا يعرفون بأن السياسة الغربية والأمريكية تحديداً تطلب منك المساعدة لكي تحميك بشكل مؤقت، ولكن أنت تجعلها أقوى، وعندما تكون أقوى سوف تنقض عليك وتقضي عليك. لا يعرفون أن الثور الأبيض أُكل عندما أُكل الثور الأسود، لا يفهمون هذه المواضيع، ينظرون إلى الأمور بشكل قصير الأمد.

الذي يحمينا من الرؤية القصيرة هو فكرة القضايا، لذلك الدبلوماسية من دون قضية تديرها هي كالتكتيك من دون استراتيجية، وهي كالمناورة لكن من دون هدف، يعني أنا أناور لكي أصل إلى هدف، لذلك في أحد الأحاديث مع أحد الأشخاص منذ زمن، شخص غير سوري، كان يتحدث عن الذكاء السوري في السياسة، وكيف تجاوزت سورية مراحل مختلفة، يتحدث عن أشياء قديمة ليس بالضرورة جديدة، قلت له: لا..لا.. الذكاء لا يحمي، الذكي ينجح مرة وينجح عشر مرات ولكن في المرة الحادية عشرة سيسقط، والسقوط في القضايا الوطنية كارثي لا مجال للخطأ، ونحن بشر نخطئ ويجب أن نخطئ، قلت له ما يحمي المواقف السورية هي المبادئ، وهي الثوابت، والثوابت تنطلق من القضايا، فعندما يكون لدينا قضايا، يكون لدينا ثوابت، وعندما يكون لدينا ثوابت يكون لدينا دبلوماسية تخضع لهذه الثوابت، من الممكن أن نخطئ في التكتيك بشكل مستمر ولكن يفترض ألا نخطئ في القضايا المبدئية.

البعض كان يتحدث عن حرب الكويت، لكي نعود لأمثلة قديمة، أن الرئيس حافظ الأسد كان ذكياً باستغلال هذه الفرصة لكي يقف مع أمريكا، يعني كل المبدئية السورية تحولت إلى حالة انتهازية.. انتهازية بلا مبدأ، وقف مع أمريكا.. لأن أمريكا دولة عظمى في ذلك الوقت، لم يفكر أحد منهم وهو على رأس حزب قومي، بأن رفض الاحتلال في الكويت يشابه رفض الاحتلال في فلسطين، ويشابه رفض الاحتلال في الجولان وفي أي مكان آخر، لم يفكر بالقضية المبدئية.. لا يفكر أن موضوع الاحتلال يخلق قضية يجب أن نتعامل معها كقضية، مع كل أسف في الظروف الحالية، في الجو الآن الذي يعيش به العالم، نحن نواجه الكثير من اللامبدئية، لذلك يجب أن نكرس العمل دائماً على القضايا.

لاحظوا أن القضية الفلسطينية لم نسمع أحد من الفلسطينيين ينتقد هجوم المقاومة في غزة بالرغم من كل الثمن الكبير لماذا؟ لأن هناك قضية، بالمقابل هناك من يقول في سورية ماذا قدمت الدولة، البعض طبعاً.. البعض من الانتهازيين.. ماذا قدمت الدولة؟ ماذا قدمت أنت للدولة؟ لا، هو موجود للانتهازية، يأخذ ولا يعطي، نفس السياسة الغربية يأخذون كل شيء ويقدمون لا شيء، فإذاً هذا الموضوع خطير، عندما نخسر القضية سوف نخسر الوطن، هذا هو المختصر المفيد، ليست القضية أننا نحن إيديولوجيون وديماغوجيون ونبحث عن مبادئ كبرى نتعلق بها لأن نفسيتنا أو عقليتنا تسعى لهذا الشيء لمجرد أنها حالة نفسية، لا، هي مصلحة، نحن نتحدث عن مصلحة، ننطلق من المصالح، ولكن المصالح الحقيقية وليست المصالح الضيقة والانتهازية.

المقاومة مرغت أنف “إسرائيل” في التراب رغم كل الدعم المقدم للجيش الإسرائيلي

وتابع الرئيس الأسد: في نفس الإطار، من دروس غزة، ما هو السؤال الشائع اليوم؟ من خسر المعركة حتى الآن؟ لا نقول من ربح المعركة، من خسر، هل الإسرائيلي الذي خسر الكثير من الجنود أكثر مما خسر في معظم الحروب والسمعة وأشياء كثيرة في الداخل؟ أم هو الفلسطيني الذي خسر عشرات الآلاف من الأرواح ودُمرت مدنه بشكل شبه كامل في بعض المناطق؟ يعني إذا أردنا أن نكون موضوعيين أستطيع أن أقول من يحدد هذه الخسائر أو الأرباح هو الطرف المقاتل نفسه، كلا الطرفين بالطريقة التي يراها، فكل شخص يرى الحرب من زاوية مختلفة، وهذا الشيء لو أردنا أن نقيسه على المعارك في سورية، المعركة الكبرى أو المعارك الصغرى، نستطيع أن ننظر إليها من زوايا مختلفة، ولكن هناك مقارنات، حقائق، لا يمكن القفز فوقها هي التي تجعلنا ننظر للمعركة من الخارج بطريقة مختلفة عن النقاش السطحي جداً اللامبدئي الذي يدور، مقارنة واحد من أقوى الجيوش في العالم، الجيش الإسرائيلي من أقوى جيوش العالم وليس المنطقة، هو أقوى جيش في المنطقة بكل تأكيد من الناحية التقنية على الأقل والتدميرية، مع مجموعات من المقاتلين المقاومين الذين لا يتجاوزون بضعة ألوية في هذا الجيش، هو بحد ذاته إهانة لا مثيل لها، هو فضيحة بالنسبة للجيش الإسرائيلي بالمعنى العسكري، ليس بالمعنى الأخلاقي، “مرّغوا أنفه في التراب” بكل بساطة.

“إسرائيل” هي الابن الشرعي للاستعمار

وتابع الرئيس الأسد: النقطة الثانية، الحقيقة الثانية هي هجمة الأساطيل الغربية إلى “إسرائيل” خلال الأيام الأولى مع هجمة المسؤولين، لم يأت كل هؤلاء لكي يقدموا الدعم لـ “إسرائيل” بالمعنى العسكري، الدعم موجود، المستودعات موجودة في كل المناطق، في الشرق الأوسط وفي أوروبا هي في خدمة “إسرائيل”، فلماذا قاموا بهذا العمل؟ لأن “إسرائيل” كانت تنهار، وهذا يؤكد على أن “إسرائيل” أولاً هي الابن الشرعي للاستعمار، هذه الهجمة هي هجمة الأم لحماية ابنها، بهذه الطريقة، لا تفسر بأي طريقة أخرى، لم تكن من أجل تهديد الحزب أو من أجل تهديد إيران، كل هذا الكلام غير صحيح لأن الأساطيل موجودة في الخليج وموجودة في البحر المتوسط ولا حاجة لتحريكها بضع مئات من الكيلومترات لكي يغيروا التوازن، ولكن الرسالة الحقيقية كانت للمجتمع الإسرائيلي المنهار، وهذا يؤكد أن هذا المجتمع هو مجتمع مركب، يعني هذا المجتمع لديه كل الدعم الدولي منذ القرن التاسع عشر قبل أن تنشأ “إسرائيل” بشكلها الحالي، مقابل مجتمع مُحاصر ومُحارب دولياً ومُقتل إسرائيلياً، نلاحظ درجة التماسك والصمود الموجودة لديه.

المقاومة تمكنت من كسر الهيمنة الصهيونية على الرواية بنشر الحقيقة والتعامل الأخلاقي مع الأسرى

وأضاف الرئيس الأسد: النقطة الأخرى هي التفوق الفلسطيني في نشر الحقيقة ونشر المعلومة، بالرغم من أن حتى الكهرباء والإنترنت والاتصالات ممنوعة عنه، ولكنه قام بعمل إعلامي فعلاً كان مذهلاً لنا جميعاً، مقابل خسارة الرواية الصهيونية كما قلت قبل قليل، وهي التي تتحكم في الرواية العالمية، يعني كل أفلام هوليود على مدى قرن من الزمن وأكثر توجه العالم كله باتجاه رواية واحدة، فتمكنوا من كسر الهيمنة الصهيونية على هذه الرواية، كما قلت حتى في الساحة الأهم وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

المقارنة الأهم هي المقارنة الأخلاقية، نلاحظ كيف تعامل الصهاينة جيشاً ومستوطنين مع الأسرى الفلسطينيين كباراً وصغاراً، مدنيين وعسكريين، أطفالاً، شيوخاً، رجالاً، نساءً لا يهم، بشكل وحشي، مقابل التعامل الأخلاقي للفلسطيني مع الأسرى الصهاينة، لدرجة أن هذا التعامل أرعب المؤسسات الإسرائيلية التي حاولت بشتى الطرق أن تعتم على ردود أفعال الأسرى الصهاينة ولكنها لم تتمكن، وهذه المقارنة هي ليست مقارنة صعبة بل مستحيلة، وهي التي تثبت بأن الطرف الأول، الصهيوني هو ليس شعباً، أو شعباً وهمياً وكاذباً ومزيفاً، والطرف الآخر هو الطرف الأصيل الحقيقي وهذا الانتصار هو انتصار حضاري.

هناك مجموعات محبَطة وتريد أن تحبط الآخرين.. ويجب أن يكون لدينا دائماً رؤية بعيدة في القضايا الوطنية

وتابع الرئيس الأسد: أين تهمنا هذه النقطة؟ تهمنا فيما يسمى الطابور الخامس، الطابور الخامس تعرفون بالأساس هي قصة أعتقد أنها حدثت في إسبانيا، كان هناك أربعة طوابير عسكرية، فقالوا للقائد كيف ستدخل؟ قال هناك طابور خامس يعمل معه من الداخل، الطابور الخامس بمفاهيمنا الآن هو ليس بالضرورة عملاء وخونة، لا، هناك مجموعات محبَطة وهي محبِطة لأنها تريد أن تحبط الآخرين، لأنها عندما تحبط الآخرين تشعر بأنها في مكان طبيعي، هناك شخص تافه يريد أن يرى الآخرين تافهين بنفس المستوى، لأنه يشعر بأنه في مكانه الطبيعي، في البيئة الطبيعية،  هناك شخص جبان، هناك صاحب مصلحة يريد أن يعتقد بأن كل الناس تفكر مثله، فيسوق طريقته بالرواية، هؤلاء الأشخاص عندما يقيسون الأمور، المقارنات التي قمت بها، أنا، لم أسأل كم أسيراً مقابل كم أسيراً؟ كم أسيراً مقابل كم شهيداً، أو كم دبابة دمرنا مقابل كم بناء خسرنا؟ لا تقاس الأمور في القضايا وفي الأوطان وعند الشعوب بهذه الطريقة، هي ليست بورصة لكي نحسب الربح والخسارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى